ج ٥، ص : ٧٣
أنتم اقدر لتعلمكم وكثرة مما رستكم وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ ليعينكم على إتيان سور مثله إِنْ كُنْتُمْ أيها الكافرون صادِقِينَ (١٣) فى قولكم انه مفترى وهذا شرط مستغن عن الجزاء بما مضى
فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ بإتيان ما دعوتم إليه وجمع الضمير فى لكم اما لتعظيم الرسول - أو لأن المؤمنين أيضا كانوا يتحدّونهم - وكان امر الرسول متناولا لهم من حيث انه يجب اتباعه عليهم فى كل امر الا ما خصه الدليل - أو للتنبيه على ان التحدي مما يوجب قوة يقينهم ورسوخ ايمانهم فلا يغفلون عنه ولذلك رتب عليه قوله فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ أى متلبسا « ١ » بما لا يعلمه الا اللّه ولا يقدر عليه سواه وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لأنه العالم القادر بما لا يعلم ولا يقدر عليه غيره ولظهور عجز الهتهم ولتنصيص هذا الكلام الثابت صدقه باعجازه عليه - وفيه تهديد واقناط من ان يجيرهم من بأس اللّه الهتهم فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٤) ثابتون على الإسلام راسخون مخلصون فيه إذا تحقق عندكم اعجازه مطلقا ويجوز ان يكون الكل خطابا للمشركين والضمير المرفوع فى لم يستجيبوا لمن استطعتم والمعنى فان لم يستجب لكم أيها الكفار من استطعتم دعوتهم إلى المعاونة على المعارضة لعجزهم وقد عرفتم من أنفسكم القصور عن المعارضة فاعلموا انه نظم لا يعلمه الا اللّه وانه منزل من عنده وان ما دعاكم إليه من التوحيد حق فهل أنتم داخلون فى الإسلام بعد قيام الحجة القاطعة وفى هذا الاستفهام إيجاب بليغ لما فيه من معنى الطلب والتنبيه على قيام الموجب وزوال العذر -
مَنْ كانَ يُرِيدُ بعمله وإحسانه الْحَياةَ الدُّنْيا أى طول البقاء فى الدار الدنيا والصحة وَزِينَتَها من الأموال والأولاد والأزواج والخدم والحشم نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ أى نوصل إليهم جزاء أعمالهم الحسنة وافيا فِيها أى فى الدنيا وَهُمْ فِيها فى الدنيا لا يُبْخَسُونَ (١٥) أى لا ينقصون شيئا من أجورهم
أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ شيء من الجزاء إِلَّا النَّارُ لانهم استوفوا جزاء أعمالهم الحسنة فى الدنيا وبقيت لهم أوزار الأعمال السيئة وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها من الحسنات يعنى لم يبق لهم ثواب فى الاخرة - ا ولم يكن لانهم لم يريدوا بها وجه اللّه تعالى حتّى يكون اجره على اللّه - والظرف اما متعلق بحبط والضمير يعود إلى الاخرة - واما بصنعوا والضمير يعود إلى الدنيا وَباطِلٌ فى نفسه
_________
(١) فى الأصل ملبسا -