ج ٥، ص : ١٤٣
قال البغوي وذلك ان اليهود سالوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن قصة يوسف - وقيل سالوا عن سبب انتقال ولد يعقوب من كنعان إلى مصر - فذكر لهم قصة يوسف فوجدوها موافقة لما فى التورية - وقيل آيات لمن سال ولمن لم يسئل كقوله تعالى سَواءً لِلسَّائِلِينَ - وقيل عبرا للمعتبرين فانها تشتمل على حسد اخوة يوسف وما ال إليه أمرهم من الذل - وعلى رؤياه وما حقق اللّه منها - وعلى صبر يوسف عليه السلام عن قضاء الشهوة - وعلى الرق وفى السجن وما ال إليه امره من الملك ورضوان اللّه - وعلى حزن يعقوب وما ال إليه امره من الوصول إلى المراد وغير ذلك من الآيات - اذكر.
إِذْ قالُوا يعنى قال بعضهم لبعض لَيُوسُفُ اللام فيه جواب للقسم تقديره واللّه ليوسف وَأَخُوهُ من أبيه وامه ولذا خصّوه بالاضافة أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وحّده لأنه افعل من يستوى فيه الواحد وما فوقه والمذكر والمؤنث - بخلاف أخويه فان الفرق بين المحلى باللام واجب - وفى المضاف جائز وَنَحْنُ عُصْبَةٌ أى والحال انّا جماعة عشرة - قال الفراء العصبة هى العشرة فما زاد - وقيل العصبة ما بين الواحد إلى العشرة - وقيل ما بين الثلاثة إلى العشرة - وقال مجاهد ما بين العشرة إلى خمسة عشر - وقيل ما بين العشرة إلى الأربعين - كذا فى القاموس حيث قال العصبة من الرجال والخيل والطير ما بين العشرة إلى الأربعين كالعصابة بالكسر - وكذا قال الجزري فى النهاية ان العصابة الجماعة من الناس من العشرة إلى الأربعين - والعصب جمع عصبة كالعصابة - ولا واحد لها من لفظه كالنفر والرهط - وقيل العصبة جماعة متعصبة أى متعاضدة - ومعنى نحن عصبة أى جماعة مجتمعة الكلام متعاضدة إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٨) ليس المراد من الضلال الضلال عن الدين ولو أرادوا ذلك لكفروا به - بل المراد منه الخطاء فى التدبير يعنون به انا انفع له فى امر الدنيا وإصلاح معاشه ورعى مواشيه - فنحن اولى بالمحبة منهما فهو مخطئ خطاء بيّنا فى إيثاره يوسف وأخاه علينا فى صرف محبته إليهما.
اقْتُلُوا يُوسُفَ قال وهب قاله شمعون وقال كعب دان وقال مقاتل روبيل - هذه الجملة المحكي بعد قوله إذ قالوا - وانما أسند هذا القول إلى جميعهم مع ان القائل به كان واحدا منهم - لأن الباقون رضوا به الا من قال لا تقتلوا فاسند الفعل إلى الكل مجاز الصحة اسناده إلى أكثرهم لاجل


الصفحة التالية
Icon