ج ٥، ص : ١٦٨
فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ
اى فى ذلك الرؤيا فان الملك راى هذه الرؤيا وأرسلني إليك لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ أى أعود إلى الملك ومن عنده بتأويل رؤيا الملك - وانما أورد كلمة لعل ولم يبتّ الكلام فيها لأن الناس لما عجزوا عن تأويل الرؤيا (و كان الملك هائلا من تلك الرؤيا) استعظم شأن تأويله عنده ولم يقطع بحصول مقصوده لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (٤٦) فضلك ومنزلتك فى العلم - أورد كلمة لعلّ لأن الناس قد لا يتنبّهون بفضل أهل الفضل لكمال غفلتهم - كما لم يتنبه العزيز بفضل يوسف بعد ما راى من الآيات -.
قالَ له يوسف اما البقرات السمان والسنبلات الخضر فسبع سنين مخاصيب والبقرات العجاف والسنبلات اليابسات فالسنون المجدبة تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً والداب العادة ونصبه على الحال بمعنى دائبين أى على عادتكم - أو على المصدرية بإضمار فعله أى تدأبون دأبا - وتكون الجملة حالا وقيل معناه بجد واجتهاد قرأ حفص دابا بفتح الهمزة والباقون بإسكانها وهما لغتان - وقيل تزرعون امر أخرجه فى صورة الخبر مبالغة فى النصح لقوله تعالى فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ لئلا تأكله السوس وهذه الجملة على الأول نصيحة خارجة عن العبارة إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (٤٧) فى تلك السنين.
ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ سمى السنين المجدبة شدادا لشدتها على الناس يَأْكُلْنَ أى يأكل أهلهن أسند الاكل إليهن على المجاز تطبيقا للتعبير بالرؤيا ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ أى ما ادخرتم لاجلهن إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (٤٨) أى تحرزون لبذور الزراعة.
ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ أى يمطرون من الغيث وهو المطر - أو يغاثون من القحط من الغوث وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (٤٩) قرأ حمزة والكسائي بالتاء الفوقانية على الخطاب لأن الكلام كله على الخطاب والباقون بالياء التحتانية على ان الضمير راجع إلى الناس ومعناه يعصرون العنب والزيتون والسمسم ونحو ذلك أراد به خصب السنة وكثرة نعيمها - قال أبو عبيدة تعصرون أى تنجون من الكرب والجدب - والعصر المنجأ والملجا -


الصفحة التالية
Icon