ج ٥، ص : ١٦٩
وهذه بشارة بشّرهم بها بعد ان اوّل البقرات السمان والسنبلات الخضر بسنين مخصبة والعجاف واليابسات بسنين مجدبة - وابتلاع العجاف السمان بأكل ما جمع فى السنين المخصبة وانما علم ذلك بعدد السبع العجاف - فانه لو لا يأتى بعد ذلك سنة مخصبة لزاد عدد السنين المجدبة على السبع - وقال البيضاوي لعله علم ذلك بالوحى - أو بان السّنّة الالهية على ان يوسع على عباده بعد ما يضيق عليهم واللّه اعلم -.
وَقالَ الْمَلِكُ لما رجع إليه الساقي بتأويل رؤياه وأخبره بما أفتاه يوسف - وعلم الملك فضل يوسف وان الّذي قاله كائن ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جاءَهُ يعنى يوسف الرَّسُولُ للملك وقال له أجب الملك أبى يوسف ان يخرج معه حتّى يظهر براءته من تهمة الفسق وقالَ للرسول ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ يعنى إلى الملك فَسْئَلْهُ ان يسئل ما بالُ يعنى اىّ حال النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ فيه دليل على انه ينبغى ان يجتهد الرجل فى نفى التهمة عن نفسه - لا سيما من كان ممن يقتدى به - ولم يصرح بذكر امراة العزيز أدبا واحتراما لها - أخرج إسحاق بن راهويه فى مسنده والطبراني فى معجمه وابن مردوية من حديث ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم عجبت لصبر أخي يوسف وكرمه واللّه يغفر له حيث أرسل إليه ليستفتى فى الرؤيا - ولو كنت انا لم افعل حتّى أخرج وعجبت لصبره وكرمه واللّه يغفر له اتى ليخرج فلم يخرج حتّى أخبرهم بعذره - ولو كنت انا لبادرت الباب - ولو لا الكلمة لما لبث فى السجن حيث يبتغى الفرج من عند غير اللّه عز وجل - ورواه عبد الرزاق وابن جرير فى تفسيرهما من حديث عكرمة مرسلا ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لقد عجبت من يوسف وكرمه وصبره اللّه يغفر له حين سئل عن البقرات العجاف والسمان - ولو كنت مكانه ما أخبرتهم حتّى اشترطت ان يخرجونّى - ولقد عجبت منه حين أتاه الرسول فقال ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ - ولو كنت مكانه ولبثت فى السجن ما لبث لا سرعت الاجابة وبادرتهم الباب - ولما ابتغيت العذر إن كان لحليما ذا اناءة - واصل الحديث فى الصحيحين مختصرا فائدة تعجبه صلى اللّه عليه وسلم من حال يوسف وقوله صلى اللّه عليه وسلم لا سرعت الاجابة - مبنى على كمال نزوله صلى اللّه عليه وسلم الّذي هو مدار