ج ٥، ص : ١٩٣
فهو أيضا ناش من السكر لكنه لا يخلو عن نوع من الاصالة واللّه اعلم - (مسئلة) فى هذه الآية دليل على جواز التأسف والبكاء عند المصيبة ما لم يكن معه نوحة وأمثال ذلك من ضرب الخدود وشق الجيوب وغيرها - فان التأسف والحزن لا يدخلان تحت التكليف فانه قل من يملك نفسه عند الشدائد - فى الصحيحين من حديث أنس ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دخل على ابنه ابراهيم - وهو يجود بنفسه فجعلت عينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تذر فان - فقال له عبد الرّحمن بن عوف وأنت يا رسول اللّه فقال يا ابن عوف انها رحمة ثم اتبعها اخرى - فقال ان العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول الا ما يرضى ربّنا - وانا لفراقك يا ابراهيم لمحزونون - وفيهما من حديث اسامة بن زيد اتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على ابن بنت له ونفسه يتقعقع ففاضت عيناه فقال سعد يا رسول اللّه ما هذا - فقال هذه رحمة جعلها اللّه فى قلوب عباده فانما يرحم اللّه من عباده الرحماء - وفيهما من حديث ابن عمر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ان اللّه لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا وأشار إلى لسانه أو يرحم - وان الميت ليعذب ببكاء اهله عليه - وفيهما من حديث ابن مسعود ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية - وفيهما عن أبى بردة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم انا بريء ممن حلق وصلق وخرق.
قالُوا يعنى اخوة يوسف تَاللَّهِ تَفْتَؤُا أى لا تفتأ ولا تزال حذف لا لعدم الالتباس إذ لو كان اثباتا لم يكن بد من اللام والنون تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أى مشرفا على الهلاك بسبب المرض أو الهرم - والحرض فى الأصل محركة الفساد فى البدن وفى المذهب وفى العقل من الحزن أو العشق أو الهرم - والرجل الفاسد المريض والمشرف على الهلاك كذا فى القاموس - فهو مصدر ولذلك لا يؤنث ولا يجمع - وضع هاهنا موضع الصفة أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ (٨٥) أى الميّتين.
لَ
يعقوب نَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي
البث أشد الحزن سمى بذلك لأن صاحبه لا يصبر عليه غالبا حتّى يبثه أى ينشره وقال الحسن بثي يعنى حالى لَى اللَّهِ
لا إلى أحد منكم ومن غيركم فخلونى وشكايتى - قال البغوي روى انه دخل على يعقوب جار له فقال يا يعقوب مالى أراك قد انهشمت وفنيت ولم تبلغ من السن


الصفحة التالية
Icon