ج ٥، ص : ٢٢٦
الغربي ويقال دعوة المدعو الحق فان المدعو بدعوة اللّه سبحانه بالإخلاص يتحقق - أو يقال اضافة الدعوة إلى الحق لما بينهما من الملابسة كما يقال رجل صدق - وقيل الحق هو اللّه سبحانه وكل دعاء اللّه دعوة الحق - فان قيل هذا الحمل غير مفيد فان دعاء اللّه تعالى مختص به تعالى لا محالة كما ان دعاء غيره مختص بغيره قلنا فى ذكر اللّه تعالى بلفظ الحق اشعار بان دعاؤه حق لأن دعاء الحق لا يكون الا حقا ودعاء الباطل لا يكون الا باطلا - فالمعنى على هذا التأويل يؤل إلى ما سبق فهو بمنزلة الدعوى مع البرهان - قال البغوي قال على رضى اللّه عنه دعوة الحقّ التوحيد - وقال ابن عباس رضى اللّه عنهما شهادة ان لا اله الا اللّه - قلت التوحيد والشهادة ان كانا تفسيرين للحق فالاضافة حقيقية والمعنى لله الدعوة إلى التوحيد والشهادة - والمراد بالجملتين ان كانت الآية فى عامر واربد ان هلاكهما من حيث لم يشعر انه محال من اللّه - واجابة لدعوة رسوله صلى اللّه عليه وسلم ودالة على انه على الحق - وان كانت عامة فالمراد وعيد الكفرة على مجادلة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بحلول محالة وتهديدهم بإجابة دعوة الرسول صلى اللّه عليه وسلم عليهم أو بيان ضلالهم وفساد رأيهم وَالَّذِينَ يَدْعُونَ أشياء كائنة مِنْ دُونِهِ يعنى يعبدون الأصنام ويذكرونهم ويسئلون منها حوائجهم فحذف المفعول لدلالة قوله مِنْ دُونِهِ عليه - أو المعنى والذين يدعونهم المشركون كائنة من دون اللّه فحذف الراجع - والمراد بالموصول حينئذ الأصنام لا يَسْتَجِيبُونَ الضمير راجع إلى الموصول على التقدير الثاني أو إلى محذوف موصوف عن دونه على التقدير الأول والمعنى لا يجيبون لَهُمْ أى للكفار بِشَيْ ءٍ يريدونه من نفع أو دفع ضر إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ يعنى الا استجابة كاستجابة من بسط كفيه إِلَى الْماءِ وهو عطشان جالس على شفير البئر يمد يده إلى البئر فلا يبلغ قعر البئر
ويدعو الماء لِيَبْلُغَ فاهُ متعلق بباسط أى يطلب من الماء ان يبلغ فاه وَما هُوَ بِبالِغِهِ لأنه جماد لا يشعر بدعائه ولا يقدر على اجابته والإتيان بغير ما جبل عليه - كذلك الهتهم لا يشعرون بدعائهم ولا يقدرون على اجابتهم فاضافة الاستجابة إلى الباسط اضافة المصدر إلى المفعول - هذا معنى قول مجاهد ومثله عن على رضى اللّه عنه وعطاء - وقيل شبهوا فى قلة جدوى دعائهم لها