ج ٥، ص : ٢٣٦
لا يصلح نعيمها لأن يقنع عليها ويهمل السعى للاخرة - ويفرح بها ويبطر بل ينبغى ان تصرف فيما يستوجبون به نعيم الاخرة -.
وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا بعد ما راوا المعجزات الباهرة والآيات القاطعة لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ أى على محمّد صلى اللّه عليه وسلم آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ يشهد له يعنى اقترحوا الآيات عنادا وتعنتا قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ يعنى لا قصور فى نزول الآيات وقيام الشواهد لكن الآيات لا توجب الهداية - انما الهداية والضلالة بيد اللّه تعالى يضل من يشاء ممن كان على صفتكم فلا سبيل إلى اهتدائهم وان أنزلت كل اية وَيَهْدِي إِلَيْهِ أى إلى الايمان به وطاعته والترقي إلى مدارج قربه والى جنته مَنْ أَنابَ (٢٧) يعنى من يشاء اللّه انابته فاناب يعنى اقبل إليه بقلبه ورجع عن العناد - فالله يهديه بما جئت به بل بأدنى منه من الآيات.
الَّذِينَ آمَنُوا بدل من قوله من أناب أو خبر مبتدا محذوف وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ يعنى يستقر فيها الايمان واليقين ويزول عنه الريب والشك بذكر اللّه تعالى يعنى القرآن - فان الايمان طمانية والنفاق شك وريبة - أو المعنى يزول وساوس الشيطان عن قلوب المؤمنين بذكر اللّه - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما من آدميّ الا ولقلبه بيتان - فى أحدهما الملك وفى الاخر الشيطان فإذا ذكر اللّه خنس وإذا لم يذكر اللّه وضع الشيطان منقاره فى قلبه فوسوس له - رواه ابن أبى شيبة فى المصنف عن عبد اللّه بن شقيق ورواه البخاري تعليقا عن ابن عباس مرفوعا بلفظ الشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإذا ذكر اللّه خنس وإذا غفل وسوس - أو المعنى ان القلوب الصافية للمؤمنين انما قوتهم ذكر اللّه تعالى فإذا ذكروا اللّه تطمئن قلوبهم أنسا به تعالى كاطمينان السمك فى الماء - وحيوان البر فى الهواء - والوحش فى الصحراء - وإذا غشيهم غاشية توجب الغفلة أو ابتلوا بصحبة أهل الغفلة لحق قلوبهم اضطراب وقلق - كما يلحق الاضطراب للسمك خارج الماء ولحيوان البر فى الماء وللوحش فى القفص - وهذه الحالة بديهية من الوجدانيات لخدام الصوفية العلية - فالمراد بقوله الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ هم الصوفية أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (٢٨) أى القلوب المزكّية قال البغوي فان قيل أليس قد قال اللّه تعالى إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ