ج ٥، ص : ٢٣٩
بِالرَّحْمنِ
وحالهم انهم يكفرون بالبليغ الرحمة الّذي أحاطت بهم نعمته ووسع كل شيء رحمته - فلم يشكروا نعمته خصوصا لم يشكروا ما أنعم عليهم بإرسالك إليهم وإنزال القرآن الّذي هو مناطا لمنافع الدينية والدنياوية عليهم - قال البغوي قال قتادة ومقاتل وابن جريح نزلت الآية فى صلح الحديبية - وكذا أخرج ابن جرير وابن أبى حاتم وأبو الشيخ عن قتادة وذلك ان سهل بن عمرو لما جاء واتفقوا على ان يكتبوا كتاب الصلح كما ذكرنا القصة فى سورة الفتح - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لعلىّ اكتب بسم اللّه الرّحمن الرّحيم - قالوا لا نعرف الرّحمن الا صاحب اليمامة يعنون مسيلمة الكذاب اكتب كما كنت تكتب باسمك اللهم - فهذا معنى قوله وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ - قال البغوي والمعروف ان الآية مكية وسبب نزولها ان أبا جهل سمع محمّدا صلى اللّه عليه وسلم وهو فى الحجر يدعو يا اللّه يا رحمان فرجع إلى المشركين فقال ان محمّدا يدعو الهين يدعو اللّه ويدعو الرّحمن ولا نعرف الرّحمن الا رحمان اليمامة - فنزلت هذه الآية ونزلت قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى - وروى الضحاك عن ابن عباس انها نزلت فى كفار قريش حين قال لهم النبي صلى اللّه عليه وسلم اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ... قُلْ يا محمّد هُوَ رَبِّي أى الرّحمن الّذي انكرتم معرفته هو خالقى ومتولى امرى لا إِلهَ لا يستحق العبادة إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ اعتمدت فى نصرتى عليكم وَإِلَيْهِ مَتابِ (٣٠) توبتى أو إليه مرجعى فيثيبنى - قرأ يعقوب متابى وعقابى ومابى بالياء فى الحالين والباقون يحذفونها - أخرج الطبراني وغيره عن ابن عباس قال قالوا للنبى صلى اللّه عليه وسلم ان كان كما تقول فارنا أشياخنا الأول نكلمهم من الموتى وافسح لنا هذه الجبال جبال مكة فنزلت.
وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الآية وأخرج ابن أبى حاتم وابن مردوية عن عطية العوفى قال قالوا للنبى صلى اللّه عليه وسلم لو سيّرت جبال مكة حتّى يتسع فنحرث فيها أو قطعت لنا الأرض كما كان سليمان يقطع لقومه بالريح وأحييت لنا الموتى كما كان عيسى يحيى الموتى لقومه فانزل اللّه تعالى هذه الآية - وذكر البغوي مبسوطا ان الآية نزلت فى نفر من مشركى مكة منهم أبو جهل بن هشام وعبد اللّه بن امية جلسوا خلف الكعبة فارسلوا


الصفحة التالية
Icon