ج ٥، ص : ٢٤٠
الى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال له عبد اللّه بن امية ان سرّك ان نتبعك فسيّر جبال مكة بالقران حتّى ينفسح فانها ارض ضيّقة لمزارعنا - واجعل لنا فيها عيونا وأنهارا لنغرس فيها الأشجار ونزرع ونتخذ البساتين - فلست كما زعمت باهون على ربك من داود سخرت له الجبال تسبح معه - أو سخّر لنا الريح فنركبها إلى الشام لميرتنا وحوائجنا ونرجع فى يومنا - فقد سخرت الريح لسليمان كما زعمت ولست باهون على ربك من سليمان - واحيى لنا جدك قصيّا أو من شئت من موتانا لنسئله عن أمرك أحق ما تقول أم باطل - فان عيسى كان يحى الموتى ولست باهون على اللّه منه - فانزل اللّه تعالى هذه الآية - وأخرج أبو يعلى فى مسنده من حديث الزبير بن العوام بمعناه يعنى لو ثبت ان قرانا يعنى كتابا من الكتب السماوية سيرت به الْجِبالُ أى أزيلت عن مقارها أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ فى السير بان يسخر اللّه الريح فيركبونها ويقطعون الأرض أو شققت الأرض فجعلت أنهارا وعيونا أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى أى أحيا به الموتى حتّى تكلموا - تذكير كلّم خاصة لاشتمال الموتى على المذكر الحقيقي - بل المراد به قصىّ « ١ » وأمثاله - وجواب الشرط محذوف يعنى لكان هذا القرآن لأنه الغاية فى الاعجاز لكن اللّه سبحانه لم يقدّر كذلك - أو لما أمنوا نظيره قوله تعالى وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ « ٢ » الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْ ءٍ قُبُلًا ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا - وقيل الجواب مقدم وهو قوله وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ وما بينهما اعتراض - كانّه قال لو سيرت به الجبال لكفروا بالرحمن ولم يؤمنوا - لما كتبناه عليهم من الشقاء ولان مبادى تعيناتهم ظلال الاسم المضلّ فانى لهم الهداية بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً إضراب عن كلام مقدر يدل عليه معنى لو من نفى تسيير الجبال وتقطيع الأرض وتكليم الموتى - تقديره ليس ذلك النفي
لكون الأمور المذكورة غير مقدورة لله تعالى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً فهو قادر على ما اقترحوا من الآيات وكل شيء سواه الا ان إرادته لم يتعلق بذلك لعلمه بانهم لا يؤمنون ولو يروا كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ - أو لأن اللّه تعالى لم يرد هدايتهم « ٣ » - قال البغوي ان اصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما سمعوا هذا من المشركين طمعوا فى ان يفعل اللّه ما سالوا حتّى يؤمنوا فانزل اللّه تعالى أَفَلَمْ يَيْأَسِ قرأ البزي بفتح الياء من غير همز الَّذِينَ آمَنُوا
_________
(١) فى الأصل قصيّا - [.....]
(٢) فى الأصل عليهم -
(٣) فى الأصل سخر له


الصفحة التالية
Icon