ج ٥، ص : ٢٤٥
فى الأزل بدايته ونهايته - يعنى كتب اللّه فى الأزل انّ زيدا يولد فى وقت كذا ويبقى منذ كذا كافرا ويسلم فى وقت كذا ونحو ذلك - وكذا لنزول اية من القرآن أو معجزة قضى وجوده وقت مكتوب عند اللّه لا يتقدمه ولا يتاخر وان استعجل الناس - وجاز ان يكون هذا متعلقا بقوله تعالى وَمِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ على ان يكون تلك الآية فى انكار أهل الكتاب على احكام يخالف احكام التورية يقول اللّه لكل أمد ووقت حكم يكتب على العباد على ما يقتضى استصلاحهم -.
يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وعاصم يثبت بالتخفيف من الافعال - والباقون بالتشديد من التفعيل - واختلفوا فى معنى الآية قال سعيد بن جبير وقتادة يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ من الفرائض والشرائع فينسخه ويبدّله ويثبت ما يشاء منها فلا ينسخه - وهذا يناسب التأويل الثاني للاية المتقدمة عليها - وقال ابن عباس يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ يعنى مما كان فى اللوح - فما كان مكتوبا قابلا للمحو يسمى بالقضاء المعلق - يمحوه اللّه تعالى بايجاد ما علق محوه به - سواء كان ذلك التعليق مكتوبا فى اللوح أو مضمرا فى علم اللّه تعالى - وما ليس قابلا للمحو يسمى بالقضاء المبرم - وذلك القضاء لا يرد قال ابن عباس يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ الا الرزق والاجل والسعادة والشقاوة يعنى انها « ١ » لا تمحى - قال البغوي روينا عن حذيفة بن أسيد عن النبي صلى اللّه عليه وسلم انه قال يدخل الملك على النطفة بعد ما يستقر فى الرحم بأربعين أو خمسة وأربعين ليلة - فيقول يا رب أشقى أم سعيد فيكتبان - فيقول أى رب اذكر أم أنثى فيكتبان - ويكتب عمله واثره واجله ورزقه ثم تطوى الصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص - وفى الصحيحين عن ابن مسعود قال حدثنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو الصادق المصدوق ان خلق أحدكم يجمع فى بطن امه أربعين يوما نطفة - ثم تكون علقة مثل ذلك - لم تكون مضغة مثل ذلك - ثم يبعث اللّه إليه ملكا بأربع كلمات فيكتب عمله وأحله ورزقه وشقى أو سعيد - ثم
_________
(١) وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن ابن عمر سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ الا الشقاوة والسعادة والحياة والموت - وأخرج ابن مردوية عن جابر بن عبد اللّه عن رباب عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال يمحوا من الرزق ويزيد فيه ويمحوا من الاجل ويزيد فيه - وأخرج ابن مردوية عن ابن عباس ان النبي صلى اللّه عليه وسلم سئل عن قوله تعالى يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ قال ذلك كل ليلة القدر يرفع ويجير ويرزق غير الحيوة والموت والشقاوة والسعادة فان ذلك لا يبدل - منه رحمه اللّه


الصفحة التالية
Icon