ج ٥، ص : ٢٥٣
فهو وعيد لِلْكافِرِينَ بالكتاب الّذين لم يخرجوا من الظلمات إلى النور مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ (٢) الَّذِينَ صفة للكافرين أو منصوب على الذم أو مرفوع عليه - تقديره اعنى الّذين أو هم الذين أو مرفوع على انه مبتدا خبره ما بعد الصلة يَسْتَحِبُّونَ أى يختارون فان المختار للشيء يطلب من نفسه ان يكون أحب إليها من غيره الْحَياةَ الدُّنْيا أى لذّاتها عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ أى يمنعون الناس عَنْ سلوك سَبِيلِ اللَّهِ باتباع رسوله وَيَبْغُونَها أى يطلبون سبيل اللّه عِوَجاً أى يطلبون لها اعوجاجا عن الحق ليقدحوا فيه - فحذف الجار وأوصل الفعل إليه - أو المعنى يطلبون سبيل اللّه مائلين عن الحق مع كون ذلك محالا - وقيل الضمير المنصوب فى يبغونها راجعة إلى الدنيا يعنى يطلبون الدنيا على طريق الميل عن الحق أى بجهة الحرص الحرام أُولئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (٣) عن الحق والبعد فى الحقيقة للصّالّ فوصف به الضلال للمبالغة - أو للامر الّذي به الضلال فوصف به للملابسة -.
وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ أى بلغة قَوْمِهِ الّذي هو منهم وبعث فيهم - أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال بلسان قومه أى بلغتهم ان كان عربيا فعربيا - وان كان أعجميا فاعجميا - وان كان سريانيا فسريانيا لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ما أمروا به فيفقهوه عنه بيسر وسرعة - ويتخذ الرسول بذلك حجة عليهم وقد كان الرسل من قبل النبي صلى اللّه عليه وسلم مبعوثين كل واحد منهم إلى قومه فبينوا لهم - وبعث النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى الناس كافة - لكنه امر اولا بدعوة قومه حيث قال اللّه تعالى وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ - قال اللّه تعالى لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها - وقال لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ - فارسل بلسان عربى مبين لاهل الحجاز والناس كافة تبع لهم حيث تعلّموا من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم نقلوه وترجموه ولذلك قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الناس تبع لقريش فى الخير والشر - رواه أحمد ومسلم فى الصحيح عن جابر يعنى سائر الكفار تبع لكفار قريش فى الكفر حيث كفروا اولا ثم كفر غيرهم فعليهم اثمهم أجمعين والمؤمنون كلهم تبع لمؤمنى قريش حيث أمنوا اولا فلهم اجر كلهم - عن جرير قال قال


الصفحة التالية
Icon