ج ٥، ص : ٢٥٧
تبع لا يَعْلَمُهُمْ أى لا يعلم عددهم لكثرتهم إِلَّا اللَّهُ جملة معترضة روى عن ابن مسعود انه قرأ هذه الآية ثم قال كذب النسابون - وعن ابن عباس قال بين ابراهيم وبين عدنان ثلاثون قرنا لا يعلمهم الا اللّه - وكان مالك بن أنس يكره ان ينسب الإنسان نفسه أبا أبا إلى آدم عليه السلام وكذلك فى حق النبي صلى اللّه عليه وسلم جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ من اللّه تعالى بِالْبَيِّناتِ أى المعجزات الواضحة الدلالة فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ أى أفواه أنفسهم - قال ابن مسعود عضوا على أيديهم غيظا كما قال اللّه تعالى عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ - وقال ابن عباس لما سمعوا كتاب اللّه عجبوا ورجعوا بايديهم إلى أفواههم يعنى وضعوا عليها تعجبا واستهزاء عليه كمن غلبه الضحك - وقال الكلبي ردوا أيديهم فى أفواههم أى وضعوا الأيدي على الأفواه اشارة للرسل ان اسكتوا وأمروا لهم باطباق الأفواه - أو المعنى ردوا أيديهم فى أفواه الرسل فقال مقاتل ردوا أيديهم فى أفواه الرسل يسكتونهم بذلك وقيل الأيدي بمعنى الأيادي أى النعم يعنى ردوا أيادي الأنبياء الّتي هى موعظتهم وما اوحى إليهم من الحكم والشرائع فى أفواههم - لانهم إذا كذّبوها ولم يقبلوها فكانهم ردوها إلى حيث جاءت منه - وهو معنى قول مجاهد وقتادة قالا يعنى كذبوا الرسل وردّوا ما جاءوا به - يقال رددت قول فلان فى فيه أى كذّبته - وقيل معنى فى أفواههم بأفواههم يعنى ردوا أيادي الأنبياء ونعمهم من الحكم والمواعظ بأفواه أنفسهم أى بألسنتهم وَقالُوا أى الأمم للرسل إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ فى زعمكم وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ من الايمان بالله وتوحيده مُرِيبٍ (٩) أى موقع للريبة أوذي ريبة -.
قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ الاستفهام للانكار - وشكّ مرفوع بالظرف وادخلت الهمزة على الظرف لأن الكلام فى المشكوك فيه دون الشك - يعنى انما ندعوكم إلى اللّه وحده وهو امر لا يحتمل الشك لدلالة كل شيء من المحسوسات والمعقولات على وجوده ووحدته واشاروا إلى ذلك بقولهم فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ صفة أو بدل يَدْعُوكُمْ إلى نفسه والى الايمان به ببعثة إيانا إليكم لِيَغْفِرَ لَكُمْ أو المعنى يدعوكم إلى المغفرة كقولك دعوته لينصرنى مِنْ ذُنُوبِكُمْ قيل من زائدة لقوله صلى اللّه عليه وسلم