ج ٥، ص : ٢٥٨
الإسلام يهدم ما كان قبله - رواه مسلم فى حديث عمرو بن العاص وقيل من للتبعيض فان الإسلام يهدم من الذنوب ما كان بينه وبين اللّه دون المظالم - قال بعض العلماء جيء بمن فى خطاب الكفرة دون المؤمنين حيث وقع فى القرآن تفرقة بين الخطابين - ولعل وجه ذلك ان المغفرة حيث جاءت فى خطاب الكفار جاءت مرتبة على الايمان - وحيث جاءت فى خطاب المؤمنين جاءت مشفوعة بالطاعة والتجنب عن المعاصي ونحو ذلك فيتناول الخروج عن المظالم وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى أى إلى وقت سماه اللّه وجعله اخر اعماركم فلا يعاجلكم بالعذاب - وهذا يدل على ان الإصرار على الكفر فى حق المعذبين من الأمم كان معلّقا به لاهلاكهم - وكان فىالقضاء المعلق انهم لو أمنوا لطال أعمارهم قالُوا للرسل إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا فى الماهية والصورة لا فضل لكم علينا فلم تخصون من دوننا ولو شاء اللّه ان يبعث إلى البشر رسولا لبعث من جنس أفضل كقولهم لَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً... تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا بهذه الدعوة فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (١٠) أى حجة واضحة على فضلكم أو استحقاقكم هذه الكرامة أو على صحة دعواكم النبوة - ما قنعوا بالمعجزات البينات الّتي جاءت بهم رسلهم - واقترحوا عليهم بايات اخر تعنتا وعنادا -.
قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ بالنبوة وغير ذلك - بينوا وجه اختصاصهم بالنبوة انه فضل اللّه تعالى وإحسانه بعد تسليمهم مشاركتهم فى الجنس وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ أى لا يمكن لنا إتيان الآيات باختيارنا واستطاعتنا حتّى نأتى بما اقترحتموه - انما هو امر متعلق بمشية اللّه تعالى - فيعطى كل نبى نوعا من المعجزات ما فيه كفاية للاستدلال على صحة دعوى النبوة وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١) كانّه ارشاد لمن أمنوا بهم واتّبعوهم بالصبر والتوكل على اللّه فى معاندة الكفار - وقصدوا به أنفسهم قصدا اوليّا كانهم قالوا من حقنا التوكل على اللّه - وفيه


الصفحة التالية
Icon