ج ٥، ص : ٢٩٨
مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ
(٢٤) أى لا يخفى علينا شيء من أحوالكم بيان لكمال علمه بعد الاحتجاج على كمال قدرته فان ما يدل على قدرته دليل على علمه - قال البغوي قال ابن عباس أراد بالمستقدمين الأموات وبالمستأخرين الاحياء - وقال الشعبي الأولين والآخرين وقال عكرمة المستقدمون من خلقه اللّه وحرج من أصلاب الآباء والمستأخرون من لم يخلق ولم يخرج بعد - وقال مجاهد المستقدمون الأمم السابقة والمستأخرون أمة محمّد صلى اللّه عليه وسلم - وقال الحسن المستقدمون فى الطاعة والخير والمستأخرون المبطئون عنها - وقيل المستقدمون فى الصفوف فى الصلاة والمستأخرون فيها - أخرج ابن مردوية عن داود بن صالح انه سال سهل بن حنيف الأنصاري عن هذه الآية أنزلت فى سبيل اللّه قال لا ولكنها فى صفوف الصلاة - وأخرج الترمذي والنسائي وابن ماجة وابن حبان والحاكم وصححه عن ابن عباس ان امراة حسناء كانت تصلى خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فتقدم بعض القوم لئلا ينظروا إليها وتأخر بعض حتّى يكون فى الصف المؤخر فإذا ركع نظر من تحت ابطيه فنزلت هذه الآية - وقال الأوزاعي أراد المصلين فى أول الوقت والمؤخرين إلى آخره - وقال مقاتل أراد المستقدمين فى صف القتال والمستأخرين فيه - وقال ابن عيينة أراد من اسلم ومن لم يسلم.
وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ لا محالة للجزاء على ما عملوا من عمل عن جابر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من مات على شيء بعثه اللّه تعالى عليه رواه أحمد والحاكم والبغوي - وتوسيط الضمير للدلالة على انه هو القادر والمتولى لحشرهم لا غير وتصدير الجملة بان لتحقيق الوعد وو التنبيه على ان ما سبق من الدلالة على كمال قدرته وعلمه بتفاصيل الأشياء يدل على صحة الحكمة كما صرح به قوله إِنَّهُ حَكِيمٌ ظاهر الحكمة متقن فى أفعاله عَلِيمٌ (٢٥) وسع علمه كل شيء -.
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ يعنى جنس البشر بان خلق أباهم آدم عليه السلام وسمى إنسانا لظهوره - وادراك البصر إياه - ولموانسة بعضهم ببعض - وقيل من النسيان لأنه عهد إليه فنسى مِنْ صَلْصالٍ أى طين يابس غير مطبوخ يصلصل أى يصوت إذا نقر - قال ابن عباس رضى اللّه عنهما هو الطين الحر الطيب الّذي إذا نضب