ج ٥، ص : ٣٢٧
وسقى الزرع والبيع وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٥) ما يؤكل منها كاللحوم والشحوم والألبان - وتقديم الظرف للمحافظة على رؤس الاى أو لأن الاكل منها هو المعتاد المعتمد عليه فى المعاش بخلاف الاكل من سائر الحيوانات المأكولة فانها اما على سبيل التفكه أو التداوى.
وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ زينة حِينَ تُرِيحُونَ تردونها من مراعيها إلى مراحيها بالعشي وَحِينَ تَسْرَحُونَ (٦) أى تخرجونها بالغداة إلى المراعى فان الافنية تتزين بها فى الوقتين ويجلّ أهلها فى أعين الناظرين إليها وتقديم الاراحة لأن الحال فيها اظهر فانها تروح ملا البطون حاقلة الضروع.
وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ فضلا من ان تحملوها على ظهوركم إليه إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ بالمشقة والجهد - قرأ أبو جعفر بفتح الشين والجمهور بكسرها - وهما لغتان نحو رطل ورطل إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٧) حيث خلقها لانتفاعكم بها.
وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ عطف على الانعام لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً أى لتركبوها ولتتزيّنوا بها زينة - وقيل هى معطوفة على محل لتركبوها وتغير النظم لأن الزينة بفعل الخالق والركوب فعل اختياري للمخلوق ولان المقصود من خلقها الركوب كما ان المقصود من خلق البقر الحرث وانما يحصل التزيين بالدواب بالعرض - احتج بهذه الآية أبو حنيفة على حرمة لحوم الخيل أو كراهتها قال صاحب الهداية هذه الآية خرج مخرج الامتنان والاكل من أعلى منافعها والحكيم لا يترك الامتنان بأعلى النعم ويمتن بأدناها - قلت أكل لحوم الشاة والدجاجة ونحوها أطيب جدّا من لحوم الخيل ويتيسر ذلك بأدنى مؤنة بخلاف لحوم الخيل فلذلك لم يعتبر أكل لحوم الخيل من منافعها فالقول بان الاكل أعلى منافعها ممنوع بل أعلى منافعها ما لا يحصل الا به كالركوب والزينة ولاجل ذلك ذكر اللّه سبحانه المنفعتين المذكورتين فى الامتنان واللّه اعلم - وكيف يدل الآية على حرمة الخيل والحمر والبغال مع ان الآية مكية وكلها كانت حلالا حينئذ وانما حرمت لحوم الحمر الاهلية يوم خيبر سنة ست من الهجرة وقد مر المسألة فى تفسير سورة المائدة فى قوله تعالى الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ... وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ (٨) يعنى ما أعد للمؤمنين فى الجنة وللكافرين فى النار مما لم يره