ج ٥، ص : ٣٤٠
ان تحرص وتتعب نفسك يا محمّد على هداهم وقد أضلهم اللّه فلا ينفعك حرصك واتعابك نفسك ولا تقدر عليه لأن اللّه تعالى قوى قاهر لا هادى لمن شاء ان يضله ولا ناصر لمن شاء ان يعذبه فحذف الجزاء وأقيم السبب مقامه واللّه اعلم - أخرج ابن جرير وابن أبى حاتم عن أبى العالية قال كان لرجل من المسلمين على رجل من المشركين دين فاتاه يتقاضاه فكان فيما تكلم به والّذي أرجوه بعد الموت لكذا وكذا فقال له المشرك انك لتزعم انك تبعث بعد الموت فاقسم بالله جهد يمينه لا يبعث اللّه من يموت فانزل اللّه تعالى.
وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ معطوف على وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا إيذانا بانهم كما أنكروا التوحيد أنكروا البعث مقسمين عليه زيادة فى القطع على فساده فقال اللّه تعالى ردا عليهم بأبلغ الوجوه بَلى يبعثهم وَعْداً مصدر مؤكد لنفسه وهو ما دل عليه بلى اعنى يبعثهم وعد من اللّه عَلَيْهِ إنجازه لامتناع الخلف فى وعده ولاقتضاء الحكمة البعث حَقًّا صفة اخرى للوعد وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٨) ان وعد اللّه حق أو لا يعلمون البعث لعدم علمهم بانه مقتضى الحكمة الّتي جرت العادة بمراعاتها ولقصور نظرهم بالمألوف فيتوهمون امتناعه.
لِيُبَيِّنَ لَهُمُ متعلق بما دل عليه بلى أى يبعثهم ليبيّن لهم والضمير لمن يموت وهو يشتمل المؤمنين والكافرين الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ أى الحق وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ (٣٩) فى قولهم لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ وفيه اشارة إلى السبب الداعي إلى البعث المقتضى له من حيث الحكمة وهو التميز بين الحق والباطل والمحق والمبطل بالثواب والعقاب وجاز ان يكون ليبين وليعلم متعلقا بقوله وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا يعنى بعثنا رسولا ليبين لهم الرسول ما اختلفوا فيه قبله وانهم كانوا على الضلالة مفترين على اللّه الكذب.
إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْ ءٍ إِذا أَرَدْناهُ أى أردنا وجوده فى المبدا أو المعاد قولنا مبتدا خبره أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٠) أى فهو يكون قرأ ابن عامر والكسائي هنا وفى يس فيكون بالنصب عطفا على نقول أو جوابا لقوله كن وقد ذكرنا كلاما على تقدير الجواب


الصفحة التالية
Icon