ج ٥، ص : ٣٤١
فى سورة البقرة - وفى هذه الآية بيان لامكان البعث وتقريره ان تكوين اللّه تعالى بمحض قدرته ومشيته لا توقف له على شيء اخر والا لزم التسلسل ولا على تعب وتجشم والا لزم العجز المنافى للالوهية - ولمّا أمكن تكوين الأشياء ابتداء بلا سبق مادة ومثال أمكن له تكوينها إعادة بعده - عن أبى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال اللّه عزّ وجلّ كذّبنى عبدى ولم يكن له ذلك وشتمنى عبدى ولم يكن له ذلك فاما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدنى كما بدانى وليس أول الخلق باهون علىّ من إعادته واما شتمه إياي فقوله اتخذ اللّه ولدا وانا الأحد الصمد الّذي لم الد ولم اولد ولم يكن لى كفوا أحد - وفى رواية ابن عباس واما شتمه إياي فقوله لى ولد فسبحانى ان اتخذ صاحبة أو ولدا رواه البخاري.
وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ أى فى سبيله وحقه ولوجهه مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا أى عذبوا وأوذوا أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبى حاتم عن ابن عباس وداود ابن هند قال نزلت هذه الآية فى أبى جندل بن سهيل - وقال البغوي نزلت فى بلال وصهيب وخبّاب وعمّار وعائش وجبير وابى جندل بن سهيل أخذهم المشركون بمكة وعذبوهم وأخرج ابن المنذر وابن أبى حاتم وعبد بن حميد عن قتادة هم اصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم ظلمهم أهل مكة فاخرجوهم من ديارهم حتّى لحق طائفة منهم بالحبشة ثم بوّاهم اللّه المدينة بعد ذلك فجعلها لهم دار هجرة وجعل لهم أنصارا من المؤمنين لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً أى مباءة حسنة وهى المدينة أو تبوية حسنة وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ مما يعجل لهم فى الدنيا قال البغوي روى ان عمر بن الخطاب كان إذا اعطى رجلا من المهاجرين عطاء يقول خذ بارك اللّه فيه هذا ما وعدك اللّه فى الدنيا وما ذخر لك فى الاخرة أفضل ثم تلا هذه الآية - وقيل معناه لنحسنن إليهم الدنيا حسنة - وقيل الحسنة فى الدنيا التوفيق والهداية لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) الضمير للكفار أى لو علموا ان اللّه يجمع لهؤلاء المهاجرين خير الدارين لمّا ظلموهم ولوافقوهم - أو للمهاجرين أى لو علموا ذلك لزادوا فى اجتهادهم وصبرهم.
الَّذِينَ صَبَرُوا على الشدائد كاذى الكفار ومفارقة الأوطان ومحله النصب أو الرفع على المدح وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٤٢)


الصفحة التالية
Icon