ج ٥، ص : ٣٨٢
وهو عدم ارادة اللّه تعالى فيهم الهداية فالاية دليل على ان افعال العباد بين الجبر والقدر.
أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فلا يدركون الحق حقّا وَسَمْعِهِمْ فلا يسمعون الحق سماع قبول وَأَبْصارِهِمْ فلا يبصرون الآيات نظر الاعتبار وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ (١٠٨) الكاملون فى الغفلة حيث غفلوا عن صانعهم ولم يغفل عنه البهائم والجمادات.
لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٠٩) حيث ضيعوا أعمارهم وصرفوها فيما افضى بهم إلى العذاب المخلد ولم يكتسبوا شيئا ينجيهم من العذاب ويفضى بهم إلى الفلاح بخلاف عصاة المؤمنين فانهم وان ضيعوا اكثر أعمارهم فى الشهوات والمعاصي لكنهم تشبثوا بالتوحيد حتّى ينجيهم من عذاب اللّه إلى الجنة -.
ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا قرأ العامة بضم الفاء وكسر التاء على البناء للمفعول أى منعوا من الإسلام وعذبوا - وثم لتباعد حال هؤلاء عن حال أولئك - أخرج ابن سعد فى الطبقات عن عمر بن الحاكم قال كان عمار بن ياسر يعذب حتّى لا يدرى ما يقول وكان صهيب يعذب حتّى لا يدرى ما يقول وكان أبو فكيهة يعذب حتّى لا يدرى ما يقول وبلال وعمار بن فهيرة وقوم من المسلمين وفيهم نزلت هذه الآية - وقال البغوي نزلت فى عياش بن أبى ربيعة أخي أبى جهل من الرضاعة وفى أبى جندل بن سهيل بن عمرو والوليد بن الوليد بن المغيرة وسلمة بن هشام وعبيد اللّه بن أسيد الثقفي فتنهم المشركون فاعطوهم بعض ما أرادوا ليسلموا من شرهم وهاجروا إلى المدينة ثُمَّ جاهَدُوا مع النبي صلى اللّه عليه وسلم الكفار وَصَبَرُوا على الايمان والطاعات والجهاد والمشاق وعن المعاصي وقال الحسن وعكرمة نزلت الآية فى عبد اللّه بن سعد بن أبى سرح وكان يكتب للنبى صلى اللّه عليه وسلم فاستزله الشيطان فلحق بالكفار فامر النبي صلى اللّه عليه وسلم بقتله يوم فتح مكة فاستجار له عثمان وكان أخاه لامه فاجاره رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم انه اسلم وحسن إسلامه فانزل اللّه هذه الآية - وقرا أبى عامر الّذين هاجروا


الصفحة التالية
Icon