ج ٥، ص : ٣٩٢
مُحْسِنُونَ (١٢٨) فى أعمالهم أو مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا اللّه بتعظيم امره وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ بالشفقة على خلقه - أو مع الّذين اتّقوا العدوان فى المعاقبة وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ إلى الناس بالعفو فالله معهم بالولاية والفضل والعون والنصر « ١ » معية ذاتية لا كيف لها - قال أبو هريرة فى الحديث المذكور الّذي رواه ابن سعد وغيره فكفّر النبي صلى اللّه عليه وسلم عن يمينه وامسك عن الّذي أراد وصبر يعنى لما نزلت لهذه الآيات - وروى ابن المنذر والطبراني والبيهقي عن ابن عباس نحو ما روى عن أبى هريرة رضى اللّه عنهم فى شأن نزول الآية - وقد ذكرنا فى صدر السورة رواية ابن إسحاق وابن جرير عن عطاء فى نزول الآية نحوه - وروى الترمذي وحسنه وعبد اللّه بن الامام أحمد فى زوائد المسند والنسائي وابن المنذر وابن خزيمة وابن حبان والضياء فى صحيحيهما عن أبيّ بن كعب رضى اللّه عنه قال لما كان يوم أحد أصيب من الأنصار اربعة وستون رجلا ومن المهاجرين ستة منهم حمزة فمثلوا بهم - فقالت الأنصار لأن أصبنا منهم يوما مثل هذا لنرثينّ عليهم - فلما كان فتح مكة انزل اللّه تعالى وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ « ٢ » خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نصبر ولا نعاقب كفوا عن القوم الا اربعة - وقال البغوي نزلت الآية فى شهداء أحد وذلك ان المسلمين لما راوا ما فعل المشركون بقتلاهم يوم أحد من تبقير البطون والمثلة السيئة حتّى لم يبق أحد من قتلى المسلمين الأمثل به - غير حنظلة بن الراهب غسيل الملائكة فان أباه أبا عامر الراهب (قلت الّذي سماه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أبا عامر الفاسق) كان مع أبى سفيان فتركوا حنظلة لذلك - فقال المسلمون حين راوا ذلك لأن أظهرنا اللّه عليهم لنزيدن على صنيعهم ولنمثلنّ بهم مثلة لم يفعلها أحد من
العرب بأحد - فوقف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على عمه حمزة وقد جدعوا انفه واذنه وقطعوا مذاكيره وبقروا بطنه - وأخذت هند بنت عتبة قطعة من كبده فمضغتها ثم اشترطتها لتأكلها فلم تلبث فى بطنها حتّى رمت بها - فبلغ ذلك النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال اما انها لو اكلتها لم تدخل النار ابدا - حمزة أكرم على اللّه من ان يدخل شيئا من جسده النار - فلما نظر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى عمه حمزة نظر إلى شيء لم ينظر إلى شي ء
_________
(١) وفى الأصل ومعية ذاتية
(٢) وفى الأصل فهو -