ج ٥، ص : ٤٢٧
والمولود يقول الهالك فى الفترة رب لم يأتينى كتاب ويقول المعتوه رب لم تجعل لى عقلا اعقل به خيرا ولا شرا ويقول المولود رب لم أدرك العقل فترتفع لهم نار فيقول ردوها فيردها من كان فى علم اللّه سعيدا لو أدرك العمل ويمسك عنها من كان فى علم اللّه شقيّا لو أدرك العمل فيقول إياي عصيتم فكيف لو رسلى أتتكم - وأخرج الطبراني وأبو نعيم عن معاذ بن جبل عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال يؤتى يوم القيامة بالممسوح عقلا وبالهالك فترة وبالهالك صغيرا فيقول الممسوح عقلا رب لو أتيتني عقلا ما كان من أتيته عقلا بأسعد منى وذكر فى الهالك فى الفترة والصغير نحو ذلك فيقول الرب تبارك وتعالى انى أمركم بامرى فتطيعونى فيقولون نعم فيقول اذهبوا فادخلوا النار - قال لو دخلوها ما ضرتهم فيخرج عليهم فرائض فيظنون انها قد أهلك ما خلق اللّه من شيء فيرجعون سراعا ثم يأمر الثانية فيرجعون ذلك فيقول الرب تعالى قبل ان خلقتكم علمت ما أنتم عاملون - قلت وهذا القول الخامس لا يلائم ضروريات الدين قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون المغلوب على عقله حتّى يبرا - وعن النائم حتّى يستيقظ - وعن الصبى حتّى يكبر رواه أحمد وأبو داود والحاكم عن عائشة بسند صحيح وعن على وعمر بسند صحيح - وفى لفظ اخر رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتّى يستيقظ وعن المبتلى حتّى يبرا وعن الصبى حتّى يكبر رواه أحمد وأبو داؤد والنسائي وابن ماجة والحاكم عن عائشة بسند صحيح - وقد ثبت بالحديث انه من همّ بسيئة لا يؤاخذ بها ما لم يعملها - فكيف بمن لم يهمّ بها ولم يعقلها - وقال اللّه تعالى لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وقال اللّه تعالى لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ -...
وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى - واجمع الامة على ان مناط التكليف العقل والبلوغ - فلعل لفظ المولود والمجنون فى هذه الأحاديث من وهم الرواة أو المولود والمجنون يمتثلون امر اللّه ويدخلون النار عند الامتحان فينجون بخلاف المشركين من أهل الفترة - قال السيوطي وقيل فى أطفال المشركين انهم يكونون فى برزخ بين الجنة والنار - وقيل يصيرون ترابا - ولا دليل على ذلك واما أولاد المسلمين فلم يجر فيهم خلاف بل الإجماع انهم فى الجنة واللّه اعلم.


الصفحة التالية
Icon