ج ٦، ص : ٢٣
اطلعنا هو على حالهم أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ بالبعث بعد الموت حَقٌّ لأن نومهم وانتباهم كحال من يموت ثم يبعث وَأَنَّ السَّاعَةَ أى القيامة الموعودة لا رَيْبَ فِيها أى فى إمكانها فان من توفّى نفوسهم وأمسكها ثلاث مائة سنين حافظا أبدانها من التحلل والتفتت ثم أرسلها إليها قادر على ان يتوفّى نفوس جميع الناس ممسكا إياها إلى ان يحشر أبدانها فيرد عليها إِذْ يَتَنازَعُونَ ظرف لاعثرنا أى أعثرنا عليهم حين كان الناس يتنازعون بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ أى بين امر دينهم قال عكرمة تنازعوا فى البعث فقال قوم للارواح دون الأجساد - وقال المسلمون البعث للارواح والأجساد جميعا - فبعثهم اللّه وأراهم ان البعث للارواح والأجساد جميعا - أو فى امر الفتية حين أماتهم ثانيا بالموت فقال بعضهم ماتوا وقال بعضهم ناموا نومهم أول مرة - وقال ابن عباس تنازعوا فى البنيان قال المسلمون نبنى عندهم مسجدا لانهم كانوا على ديننا وقد ماتوا مسلمين وقال المشركون نبنى عليهم بنيانا يسكنه الناس ويتخذونه قرية - أو على باب كهفهم بنيانا يمنع الناس عن التطرق إليهم ضنّا بتربتهم لانهم من أهل نسبنا كما قال اللّه تعالى فَقالُوا أى المشركون من أهل القرية ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ أى المسلمون بيدوسيس وأصحابه فانهم كانوا اصحاب ملك وثروة وحكومة حينئذ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً (٢١) يصلى فيه المسلمون ويتبركون بهم - وقوله ربّهم اعلم بهم الظاهر انه اعتراض من اللّه تعالى ردّا على الخائضين فى أمرهم فان كلّا من الفريقين انتسبوا أنفسهم إليهم وهم براء من الكفر وأربابها ولم يكونوا من عوام المؤمنين أيضا وان كانوا منهم فان الصوفي كائن بائن قال الفاضل الرومي
هر كسى در ظن خود شد يار من واز درون من نجست اسرار من
وقيل انه من كلام المتنازعين كانهم تذاكروا أمرهم وتناقلوا الكلام فى أنسابهم وأحوالهم ومدة لبثهم - فلمّا لم يهتدوا إلى حقيقة ذلك قالوا ربّهم اعلم بهم - (مسئلة) هذه الآية تدل على جواز بناء المسجد ليصلى فيه عند مقابر اولياء اللّه قصدا للتبرك بهم وقد كان الشيخ الأستاذ محمد فاخر المحدث رحمه اللّه يكره ذلك مستدلا بما رواه مسلم عن ابن الهياج الأسدي قال قال لى علىّ الا أبعثك على ما بعثني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وان لا تدع تمثالا الا طمسته ولا


الصفحة التالية
Icon