ج ٦، ص : ٣٨
المختلطين موصوفا بصفة صاحبه عكس للمبالغة في كثرته فَأَصْبَحَ أى صار النبات عن قريب هَشِيماً وهو ما يبلس وتفتت من النبات تَذْرُوهُ الرِّياحُ قال أبو عبيدة تفرقه - والمشبه به ليس الماء ولا حاله بل الكيفية المنتزعة من الجملة وهى حال النبات المتبت بالماء يكون وارفا ثم هشيما تطيّره الرياح فيصير كان لم يكن وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ من الإنشاء والافناء وغير ذلك مُقْتَدِراً (٤٥).
الْمالُ وَالْبَنُونَ الّذي يفتخر بها عيينة وأشباهه الأغنياء... زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا يتزين بها الإنسان في دنياه ويفني عن قريب - وليست هى من زاد الاخرة وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ يعنى الأعمال الصالحة الّتي يبقى ثمرها ابد الآبدين خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ من المال والبنين ثَواباً عائدة وَخَيْرٌ أَمَلًا (٤٦) أى ما يأمله الإنسان - قال البغوي قال على بن أبى طالب رضي اللّه عنه المال والبنون حرث الدنيا والأعمال الصالحة حرث الاخرة - وقد يجمعها اللّه لا قوام - قال ابن عباس وعكرمة ومجاهد الباقيات الصالحات سبحان اللّه والحمد للّه ولا اله الّا اللّه واللّه اكبر - وعن أبى سعيد الخدري ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقال استكثروا من الباقيات الصالحات قيل وما هى يا رسول اللّه قال التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير ولا حول ولا قوة الا باللّه - رواه أحمد وابن حبان والحاكم وصححه - وعن جابر قال استكثروا من لا حول ولا قوة الا باللّه فانها تدفع تسعة وتسعين بابا من الضرّ أدناها الهم - رواه العقيلي وأخرج من حديث النعمان بن بشير مرفوعا سبحان اللّه والحمد للّه ولا اله الا اللّه واللّه أكبرهن الباقيات الصالحات وأخرج الطبراني مثله من حديث سعد بن عبادة - وكذا أخرج ابن جرير عن أبى هريرة مرفوعا وعن رجل من الصحابة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأفضل الكلام سبحان اللّه والحمد للّه ولا اله الا اللّه واللّه اكبر - رواه أحمد وعن أبى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لأن أقول سبحان اللّه والحمد للّه ولا اله الا اللّه واللّه اكبر أحب الىّ مما طلعت عليه الشمس رواه مسلم والترمذي - وقال سعيد بن جبير ومسروق وابراهيم الباقيات الصالحات هى الصلاة الخمس ويروى هذا عن ابن عباس - وعنه رواية اخرى انها الأعمال الصالحة وهو قول قتادة.
وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ قرأ الكوفيون ونافع بالنون على التكلم وكسر الياء بناء للفاعل ونصب الجبال - والباقون بالتاء وفتح الياء على صيغة التأنيث والبناء للمفعول ورفع الجبال يعنى نقلعها ونذهب بها فنجعلها هباء منبثا ويوم منصوب باذكر أو عطفا على عند ربّك أى الباقيات الصّالحات خير عند ربّك ويوم القيامة


الصفحة التالية
Icon