ج ٦، ص : ٦١
فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ... وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ منصوب على الحال من فاعل يبلغا أى يبلغا مرحومين من ربّك أو على المصدرية أو العلية فان ارادة الخير رحمة وقيل متعلق بمحذوف تقديره فعلت ما فعلت رحمة من ربّك - قال البيضاوي لعل اسناد الارادة اولا إلى نفسه يعنى في قوله أردت ان أعيبها لأنه هو المباشرة للتعييب وثانيا إلى اللّه والى نفسه يعنى في قوله أردنا ان يّبدلهما ربّهما خير منه زكوة لأن التبديل باهلاك الغلام وإيجاد اللّه بدله - وثالثا إلى اللّه وحده يعنى في هذه الآية لأنه لا مدخل له في بلوغ الغلامين - أو لأن الأول في نفسه شر والثالث خير والثاني ممتزج - أو لاختلاف حال العارف في الالتفات إلى الوسائط وَما فَعَلْتُهُ أى ما رأيت منى من خرق السفينة وقتل الغلام واقامة الجدار عَنْ أَمْرِي أى عن رأى انما فعلته بامر اللّه عزّ وجلّ وعلا ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ حذفت تاء الاستفعال تخفيفا والمعنى مالم تطق عَلَيْهِ صَبْراً (٨٢) قال البغوي روى ان موسى لما أراد ان يفارقه قال له أوصني - قال لا تطلب العلم لتحدث به واطلبه لتعمل به - قال البيضاوي ومن فوائد هذه القصة ان لا يعجب المرء بعلمه ولا يبادر إلى انكار مالا يستحسنه فلعل فيه سرّا لا يعرفه - قلت لا سيما إذا كان الرجل الّذي راى منه ما لا يستحسنه ذا علم وديانة وانقاء فبالحرى
اى لا ينكر عليه كما ذكرنا آنفا - وان يداوم على التعلّم ويتذلل للمعلم ويراعى الأدب في المقال وان ينبه المجرم على جرمه ويعفو عنه حتى يتحقق إصراره ثم يهاجر عنه قال البغوي اختلف الناس في ان الخضر عليه السّلام حىّ أم ميت - قيل ان الخضر والياس حيان يلتقيان كل سنة بالموسم وكان سبب حياته فيما يحكى به انه شرب من عين الحيوة وذلك ان ذا القرنين دخل الظلمه لطلب عين الحيوة وكان الخضر على مقدمته فوقع الخضر على العين فنزل فاغتسل وشرب وصلى شكر اللّه تعالى واخطأ ذو القرنين الطريق فعاد وذهب الآخرون إلى انه مات لقول اللّه تعالى وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ - وقال النبي صلى اللّه عليه وسلم بعد ما صلى العشاء ليلة اريتكم ليلتكم هذه فان على راس مائة سنة لا يبقى ممن هو اليوم حى على ظهر الأرض أحد قلت ذكر صاحب الحصين في التعزية ما روى الحاكم في المستدرك عن أنس انه لما توفى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دخل رجل اشهب اللحية جسم صبيح فتخطار قابهم فبكى ثم التفت إلى الصحابة رضي اللّه عنهم فقال ان للّه عزاء من كل مصيبة وعوضا من كل فائت وخلفا من كل هالك فالى اللّه فانيبوا واليه فارغبوا ونظره إليكم في البلاء فانظروا فانما المصاب من لم يجبر. وانصرف فقال أبو بكر وعلىّ هذا الخضر عليه السلام - وقد اشتهر عن اولياء اللّه ملاقاتهم واستفاداتهم عن الخضر عليه السلام فهذا


الصفحة التالية
Icon