ج ٦، ص : ٧٣
هم أهلي حرورا يعنى الخوارج فانهم أول فرقة بغوا على أهل السنة والجماعة من الصحابة ومن معهم وزعموا الهم على الحق - فالمراد بقول علىّ رضى اللّه عنه انهم أهل الأهواء الذين خالفوا أهل السنة فدخل فيهم الروافض والمعتزلة وسائر أهل الأهواء - قلت والظاهر ان المراد بهم الكفار الذين لا يرون البعث والنشور فيعلمون ويتبعون فيما يرونه نافعا لهم في الحيوة الدنيا ولا يرون وراء الدنيا شيئا ويزعمون انه من يعمل عملا يضره في الدنيا من اعمال الاخرة فهو مجنون سفيه - يدل على ذلك قوله تعالى.
أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ المنزلة وَلِقائِهِ يعنى بالبعث بعد الموت ويشعر هذه الآية بالتشنيع فيمن يعتقد البعث لكنه يقدم اعمال الدنيا على اعمال الاخرة ويتعب لاجل الدنيا ويترك امر الاخرة إلى مغفرة اللّه وفضله - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على اللّه - رواه أحمد والترمذي وابن ماجة والحاكم بسند صحيح عن أنس واللّه اعلم - وان كان المراد بالآية اليهود والنصارى فالمعنى انهم لا يعتقدون البعث على ما هو عليه أو المراد بلقائه لقاء عذابه فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ الّتي عملوها لاكتساب الدنيا أو الّتي عملوها طمعا في الثواب ولا يثابون عليها لاجل كفرهم فان الايمان شرط لقبول الحسنات كلها فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً (١٠٥) يعنى لا يكون لهم عند اللّه قدر واعتبار - عن أبى هريرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم انّه به قال ليأتى الرجل العظيم السمين لا يزن عند اللّه جناح بعوضة وقال اقرءوا فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا - متفق عليه وأخرج أبو نعيم والآجري في هذه الآية عن أبى هريرة انه قال القوى الشديد الأكول يوضع في الميزان فلا يزن شعيرا يدفع الملك من أولئك سبعين الفا دفعة واحدة - أو المعنى لا نضع لهم ميزانا يوزن به أعمالهم لا؟؟؟ نحباطها بل يلقون في النار بلا وزن أو المعنى لا يكون لاعمالهم الّتي يرونها حسنات وزنا في الميزان - قال البغوي قال أبو سعيد الخدري يأتى الناس باعمال يوم القيامة عندهم في العظم كجبال تهامة فإذا وزنوها لم تزن شيئا فذلك قوله عزّ وجلّ فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا - قال السيوطي اختلف أهل العلم هل يختص الميزان بالمؤمنين أو يوزن اعمال الكفار أيضا واستدل للاول بقوله تعالى فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً - وأجاب القائلون بالثاني بانه مجاز عن عدم
الاعتداء بهم لقوله تعالى وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ الآية إلى قوله أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ - وقال القرطبي الميزان