ج ٦، ص : ١١١
فلا إشكال إذا التعذيب متاخر من الإحضار قيل اعلم هاهنا بمعنى العليم لاختصاص هذا العلم به تعالى وجاز ان يقال ان الكرام الكاتبين وغيرهم من الملائكة أيضا يعلمون الفاجر من التقى والسعيد من الشقي واللّه تعالى أعلم بذلك - قرأ حمزة والكسائي وحفص جتيّا وعتيّا وصليّا بكسر اوائلها كما ذكرنا في قوله تعالى وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا - والجمهور بضمها وهى على وزن فعول كما ذكرنا وقوله من كلّ شيعة ان كان يعمم الكفار والعصاة من المؤمنين ففى ذكر أشد تنبيه على انه تعالى يعفو كثيرا من أهل العصيان - ولو خص ذلك بالكفار على ما يقتضيه السياق كما اختاره البغوي واكثر المفسرين فالمراد انه يميّز طوائفهم أعتاهم فاعتاهم ويطرحهم في النار على الترتيب - أو يدخل كلّا طبقتها الّتي أعدت لهم أخرج ابن أبى حاتم والبيهقي عن ابن مسعود رضى اللّه عنه في الآية قال يحشر الأول على الاخر حتى إذا تكاملت العدة اثارهم ثم يبدا بالاكابر فالاكابر جرما ثم قرأ فو ربّك لنحشرنّهم إلى قوله عتيّا - وأخرج هناد عن أبى الأحوص في الآية قال يبدء الأكابر فالاكابر جرما -.
﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ ﴾
إن نافية ومنكم صفة لمحذوف أى ان أحد منكم إِلَّا وارِدُها أى جهنم قيل القسم مضمر أى واللّه ما منكم الّا واردها بدليل ما ورد في الأحاديث الا تحلة القسم وسنذكرها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً الحتم مصدر حتم الأمر إذا وجب يعنى واجبا أوجبه اللّه على نفسه مَقْضِيًّا (٧١) قضاه اللّه عليكم بان وعده وعدا لا يمكن خلفه............
ثُمَّ نُنَجِّي عطف على مضمون ما سبق تقديره نوردكم جميعا في جهنم ثمّ ننجّى - قرأ الكسائي بالتخفيف من الافعال والباقون بالتشديد من التفعيل الَّذِينَ اتَّقَوْا الشرك فيساقون إلى الجنة بلا تعذيب أو بعد التعذيب وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ أى الكافرين فِيها أى في النار جِثِيًّا (٧٢) جميعا وقيل جاثين على الركب والمراد بالورود الدخول وإن كان بطريق المرور على الصراط الّذي هو على متن جهنم - وقال قوم من أهل الأهواء ليس المراد بالورود الدخول فانه من يدخلها لا ليخرج منها ابدا وقالوا النار لا يدخلها مؤمن ابدا لقوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها - بل المراد به الحضور والروية فانهم يحضرون جميعا موضع الحساب وهو بقرب جهنم - ثم ينجى اللّه المتقين يأمرهم إلى الجنة ويذر الظالمين فيها جثيا يأمرهم إلى النار - نظيره قوله تعالى ولمّا ورد ماء مدين وقد كان موسى اشرف عليه ولم يدخله ويؤيده


الصفحة التالية
Icon