ج ٦، ص : ١٢٩
قال ابن مسعود كانت الشجرة سمرة خضراء وقال قتادة ومقاتل والكلبي كانت من العوسج وقال وهب كانت من العليق - وقيل كانت شجرة العناب - روى ذلك عن ابن عباس قال أهل التفسير لم يكن الّذي راه موسى نارا بل كان نورا ذكر بلفظ النار لأن موسى عليه السلام حسبه نارا وقال اكثر المفسرين انه نور الرب وهو قول ابن عباس وعكرمة وغيرهما قال سعيد بن جبير هى النار بعينها وهى أحد عجب اللّه عزّ وجلّ يدل عليه ما روى عن أبى موسى الأشعري عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال حجابه النار - مشفها لاحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه - كذا قال البغوي لكن في صحيح مسلم وسنن ابن ماجة حجابه النور - قلت البزر هو ما لطف من النار بحيث لا يحرق فالمال واحد وفي القصة ان موسى احذ شيئا من الحشيش اليابس وقصد الشجرة - فكان كلّما دنا ناءت منه النار - وإذا نأى دنت - فوقف متحيرا وسمع تسبيح الملائكة وألقيت عليه السكينة ونُودِيَ يا مُوسى (١١).
إِنِّي قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء والباقون بإسكانها أَنَا رَبُّكَ قرأ ابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر بفتح همزة انّى أى بانّى وكسر الباقون بإضمار القول أو بإجراء النداء مجراه وتكرير الضمير للتاكيد والتحقيق - قال البغوي قال وهب نودى من الشجرة فقيل يموسى فاجاب سريعا ما يدرى من دعا فقال انى اسمع صوتك ولا أدرى مكانك فاين أنت - قال انا فوقك ومعك وامامك وخلفك واقرب إليك من نفسك - فعلم ان ذلك لا ينبغى الّا للّه عزّ وجلّ فايقن به - قال البيضاوي قيل انه لما نودى - قال من المتكلم قال انى انا اللّه فوسوس إليه إبليس لعلك تسمع كلام شيطان - فقال انا عرفت انه كلام اللّه بانى أسمعه من جميع الجهات وجميع الأعضاء وهو اشارة إلى انه عليه السّلام تلقى من ربّه كلاما تلقيا روحانيّا ثم تمثل ذلك الكلام لبدنه وانتقل إلى الحس المشترك فانتقش به من غير اختصاص بعضو وجهة فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ فيدم امر بذلك لكون الحفوة تواصعا للّه تعالى وقال البغوي كان السبب فيه ما روى عن ابن مسعود مرفوعا قال كانتا من جلد حمار ميّت ويروى غير مدبوغ - وقال عكرمة ومجاهد امر بخلع النعلين ليباشر بقدميه تراب الأرض المقدسة فتناله بركتها لانها قدست مرتين فخلعهما موسى والقاهما وراء الوادي إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ أى المطهر طُوىً (١٢) قرأ أهل الكوفة والشام بالتنوين هاهنا وفي سورة