ج ٦، ص : ١٧٤
قيل التقدير الأمر كذلك وجملة اتتك في مقام التعليل.
وَكَذلِكَ نَجْزِي أى نجزى جزاء مثل ذلك الجزاء مَنْ أَسْرَفَ يعنى أضاع عمره بالانهماك في الشهوات والاعراض عن الآيات وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ بل كذبها وخالفها وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ في نار جهنم أَشَدُّ وَأَبْقى (١٢٧) من ضنك العيش والعمى وهذه الجملة معطوفة على قوله تعالى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً إلخ.
أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ الضمير المرفوع راجع إلى الهدى والمراد منه الكتاب أو الرسول - أو إلى اللّه تعالى الم ذكور في قوله تعالى وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وعلى هذا في الكلام التفات من التكلم إلى الغيبة - ويؤيد هذا التأويل قرأة ا فلم نهدلهم بالنون على صيغة المتكلم - والمعنى ا ولم يهد لهم اللّه أو القرآن أو الرسول يعنى لكفار مكة - الاستفهام للانكار يعنى هداهم إلى صراط مستقيم فاستحبوا العمى على الهدى والفاء للتعقيب معطوف على محذوف تقديره الم يبين لهم فلم يهد لهم انكار لعدم الهداية بعد البيان لفظا وفي المعنى انكار لعدم اهتدائهم بعد الهداية وقيل ا فلم يهد لهم معطوف على مضمون الكلام السابق فانه تعالى ذكر حال المؤمنين بقوله فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى وحال الكفار بقوله وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً فقال بين اللّه لهم فيما تلونا حال الفريقين الم يتبين لهم فلم يهد لهم - وقيل لم يهد مسند إلى ما دل قوله تعالى كَمْ أَهْلَكْنا كم خبرية أى أهلكنا كثيرا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أى أهلكنا القرون السابقة أو مسند إلى الجملة بمضمونها يعنى ا لم يهد لهم إهلاكنا القرون يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ حال من القرون يعنى أهلكناهم ماشّين في مساكنهم - أو حال من الضمير المجرور في لهم على تقدير اسناد الفعل إلى مضمون جملة كم أهلكنا يعنى أفلم يهد لكفار مكة حال كونهم ماشين في مساكن القرون الماضية إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى (١٢٨) أى لذوى العقول الناهية عن التغافل والتعامي -.
وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ وهى العدة بتأخير عذاب كفار هذه الامة إلى يوم القيامة - وعدم استيصالهم في الدنيا لكون النبي صلى اللّه عليه وسلم


الصفحة التالية
Icon