ج ٦، ص : ١٨٥
من الكفار دليل ظاهر على فساد أقوالهم وانها قضوهات منهم عنادا من غير جزم فَلْيَأْتِنا محمد صلى اللّه عليه وسلم ان كان صادقا في دعوى الرسالة بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (٥) صفة لاية وصحة التشبيه من حيث ان الإرسال يتضمن الإتيان بالآية وما موصولة أو موصوفة وهى صفة لموصوف محذوف والتقدير فلياتنا باية كائنة كالاية الّتي أرسل بها الأولون من الرسل - وكاية أرسل بها الأولون فاتوبها - كالناقة لصالح والعصا واليد البيضاء لموسى والاحياء الموتى وإبراء لاكمه والأبرص لعيسى - أخرج ابن جرير عن قتادة قال قال أهل مكة للنبى صلى اللّه عليه وسلم ان كان ما تقوله حقّا فحول لنا الصفا ذهبا فاتاه جبرئيل فقال ان شئت كان الّذي سالك قومك ولكنه ان كان ثم لم يومنوا لم ينظروا - وان شئت استأنيت لقومك قال بل استانى لقومى فانزل اللّه تعالى.
ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ أى قبل مشركى مكة مِنْ قَرْيَةٍ أى من أهل قرية من زائدة وقرية في محل الرفع على الفاعلية أَهْلَكْناها صفة لقرية أى أهلكنا أهمها حين جاءتهم الآيات المقترحة أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ الفاء للعطف على ما امنت والاستفهام للانكار تعقب ايمان أهل مكة عدم ايمان السابقين مع كون أهل مكة اعنى منهم يعنى لم يومن من كان قبلهم فكيف يومن هؤلاء وهم أشد كفرا منهم - وفيه تنبيه على ان عدم إتيانه بالمقترحات كان لابقائهم - إذ لو اتى بها ولم يؤمنوا استوجبوا عذاب الاستيصال كمن قبلهم -.
ما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ يا محمد إِلَّا رِجالًا نُوحِي قرأ حفص بالنون على صيغة المتكلم المعلوم على التعظيم والباقون بالياء التحتانية على الغيبة والبناء للمفعول إِلَيْهِمْ جملة معترضة ردّ لقولهم هل هذا الّا بشر مثلكم فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ يعنى علما أهل الكتاب من حال الأولين من الرسل هل كانوا بشرا أم ملائكة حتى يزول عنكم شبهتكم إِنْ كُنْتُمْ يا أهل مكة لا تَعْلَمُونَ (٧) شرط استغنى عن الجزاء بما مضى والاحالة إلى أهل الكتاب اما للالزام فان المشركين كانوا يشاورونهم في امر النبي صلى اللّه عليه وسلم ويثقون بقولهم - واما لأن اخبار أهل التواتر يوجب العلم وان كانوا كفارا.
وَما جَعَلْناهُمْ أى الأولين من الرسل جَسَداً لم يقل أجسادا لأنه اسم جنس أو لأنه في الأصل مصدر


الصفحة التالية
Icon