ج ٦، ص : ١٩٩
على بطلان ما توهموه ببيان ما أوهمهم ذلك وهو انه تعالى امهلهم استدراجا فاغتروا وحسبوا ان لا يزالوا كذلك وانه بسبب ما هم عليه ولذلك عقبه بما يدل على انه امل كاذب قال أَفَلا يَرَوْنَ الهمرة للانكار والغاء للعطف على محذوف تقديره الا ينظرون فلا يرون بالأبصار أو التقدير الا يتفكرون فلا يعلمون أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ أى يأتي أمرنا ارض الكفار ان ينقص نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أى نسلط المسلمين على أطرافها بيان لقوله ناتى الأرض وتصوير لما يجريه اللّه على أيدي المسلمين فتح ديار المشركين أرضا فارضا أَفَهُمُ الْغالِبُونَ رسول اللّه والمؤمنين الهمزة للانكار والفاء للعطف على ناتى الأرض يعنى ليس الأمر انهم يغلبون رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والمؤمنين.
قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ أى أخوفكم بِالْوَحْيِ أى بما يوحى إلى من القرآن هذه الجملة تقرير النهى عن استعجال لحوق العذاب ونفى استبعاده والمعنى ان اتدارى بالعذاب ليس من تلقاع نفسى انما هو بأخبار اللّه العليم القدير الّذي لا يحتمل التخلف في اخباره فلا وجه لاستبعادكم واستعجالكم وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ قرأ ابن عامر لا تسمع بالتاء الفوقانية المضمومة وكسر الميم من الافعال خطابا للنبى صلى اللّه عليه وسلم ونصب الصم والباقون بالياء المفتوحة وفتح الميم من المجرور رفع الصم على الفاعلية والجملة حال من فاعل قل أو من المحذوف يعنى قل للكافرين المستهزئين المستعجلين للعذاب فا اللام للعهد سماهم الصم ووضعه موضع ضميرهم ولم يقل ولا يسمعون الدعاء اولا يسمعهم فلتصريخ على تصامهم وعدم انتفاعهم بما يسمعون إِذا ما يُنْذَرُونَ ظرف ليسمع أو للدعاء والتقييد به لأن الكلام في الانذار أو للمبالغة في تصامهم وتجاسرهم.
وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ جواب قسم محذوف نَفْحَةٌ قال ابن عباس طرف وقيل قليل وقال ابن جريح نصيب من قولهم نفح فلان لفلان من ماله أى أعطاه حظا منه وقيل ضربة من قولهم نفحت الدابة برجلها واصل النفح هبوب رائحة الطيب وفيه مبالغات ذكر المس وما في النفحة من معنى القلة والبناء الدال على المرة مِنْ عَذابِ رَبِّكَ الّذي ينذرون به ويستعجلونه لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا يا هلاكنا احضر فهذا أو انك إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ على أنفسنا بالاشراك باللّه وعدم التحرز عن عذابه يعنى لدعوا على أنفسهم بالوكيل واعترفوا عليها بالظلم وندموا حين لا ينفعهم الندم.
وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ أى ذوات القسط أو وصفت به للمبالغة وأفرد القسط لأنه مصدر لِيَوْمِ الْقِيامَةِ أى لجزاء يوم القيامة أو لاجل أهلها أو فيه كقولك


الصفحة التالية
Icon