ج ٦، ص : ٢٠٣
الشَّاهِدِينَ
المعترفين المحققين المبرهنين باللسان والجنان كما ان السموات والأرض وسائر الممكنات شاهد عليه بلسان الحال.
وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ والكيد المكر والحيلة والمراد هاهنا لافعلن بها سوء أو لاجتهدن في كسرها بنوع من الاحتيال قال البيضاوي والتاء في القسم بدل من الواو المبدلة من الباء وفيها تعجب ولفظ الكيد وما في التاء من التعجب لصعوبة الأمر وتوقفه على نوع من الحيل لكونه على رغم نمرود وخلق كثير مع قوة سلطنته عطف على قوله قال بتأويل هذا القول يعنى قال هذا القول وهذا القول بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا عنها مُدْبِرِينَ لها منطلقين إلى عبيدكم قال البغوي قال مجاهد وقتادة انما قال ابراهيم هذا سرا من قومه ولم يسمع ذلك الا رجل واحد فافشاه عليه وقال انا سمعنا فتى يذكرهم يقال له ابراهيم قال السدى كان لهم في سنة مجمع وعيد وكانوا إذا رجعوا من عيدهم دخلوا على الأصنام فسجدوا لها ثم عادوا إلى منازلهم فلما كان ذلك العيد قال لابراهيم أبوه يا ابراهيم لو خرجت معنا إلى عيدنا أعجبك ديننا فخرج معهم ابراهيم فلما كان ببعض الطريق القى نفسه وقال انى سقيم يقول اشتكى رجلى فلما مضوا نادى في آخرهم وقد بقي ضعفاء الناس تاللّه لاكيدن أصنامكم فسمعوها منه ثم رجع ابراهيم إلى بيت الالهة وهن في بهو « ١ » عظيم مستقبل باب البهو صنم عظيم إلى جنبه أصغر منه والأصنام بعضها إلى جنب بعض كل صنم يليه أصغر منه إلى باب البهو وإذا هو قد جعلوا طعاما فوضعوا بين أيدي الالهة قالوا إذا رجعنا وقد بركت الالهة في طعامنا أكلنا فلما نظر إليهم ابراهيم والى ما بين أيديهم من الطعام قال لهم على طريق الاستهزاء الا تأكلون فلما لم يجبه أحد قال مالكم لا تنطقون فراغ عليهم ضربا باليمين يعنى مال على الأصنام بضربهم ضربا باليمين لكونها أقوى من اليسار أو بسبب اليمين الّذي قال تاللّه لاكيدن أصنامكم.
فَجَعَلَهُمْ يعنى الأصنام جُذاذاً قرأ الجمهور بضم الجيم فعال بمعنى المفعول كالحطام من الجذ بمعنى القطع وقيل جمع لا واحد له من لفظه وقرأ الكسائي بكسر الجيم وهو لغة بمعنى المفعول أو جمع جذيذ كخفاف وخفيف يعنى كسر ابراهيم كلهن إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ يعنى الا الصنم الأكبر حيث لم يكسرها وعلق الفأس في عنقه ذكر اللّه سبحانه ضمير جمع المذكر على زعمهم الهة لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ يعنى إلى ابراهيم يرجعون إليه لتفرده واشهاره بعداوة الآلهة فيحاجهم بكونها عجزة عن مقاومة رجل على ابطال الوهيتهم أو إلى الكبير يرجعون إليه فيسئلونه عن كاسرهن إذ من شان المعبود العلم والاجابة
_________
(١) البهو البيت المقدم امام البيوت والواسع من الأرض ومن كل شيء والباهى من البيوت الخالي والمعطل - قاموس