ج ٦، ص : ٢٠٤
فيكبتهم بذلك أو إلى اللّه يرجعون عند ثبوت عجز الالهة.
قالُوا حين رجعوا من العيد مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا من استفهامية وجاز ان يكون موصولة مع صلتها مبتدأ خبره إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ بجرأته على الالهة أو بافراطه على حطمها أو على نفسه بتعريضه للاهلاك وهذه جملة مستانفة على تقدير كون ما قبلها استفهامية.
قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ بالعيب والسوء صفة لغتى تصححه ان يتعلق به السمع وهو ابلغ في نسبة الذكر إليه كان الذكر صار حقيقة له عليه السّلام وجاز ان يكون ثانى مفعولى سمعنا بتضمنه معنى علمنا بحاسة السمع يُقالُ لَهُ صفة ثانية لفتى إِبْراهِيمُ أى هو ابراهيم ويجوز رفعه بالفعل لأن المراد به الاسم فبلغ ذلك الخبر نمرود الجبار واشراف قومه.
قالُوا يعنى نمرود واشراف قومه فَأْتُوا بِهِ يعنى ان فعل هو ذلك بآلهتنا فاتوا به عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ حال أى كائنا بمرأ منهم بحيث يتمكن صورته في أعينهم تمكن الراكب على المركب وقيل المراد بأعين الناس رؤسائهم وعلى متعلق بفاتوا على طريقة أتيت على القاضي لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ بفعله وقوله حتى لانعذبه بلا بيّنة كذا قال الحسن وقتادة والسدى وقال محمد بن اسحق أى لكى يشهدوا أى يحضروا عقابه وما يصنع به فلما أتوا به.
قالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ قالَ ابراهيم بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا أسند الفعل إلى كبير الأصنام مجازا لما كان غيظه لما رأى من زيادة تعظيمهم إياه تسبب لمباشرته إياه أو تقريرا لنفسه مع الاستهزاء والتبكيت على اسلوب تعريضى كما قال لك من لا يحسن الخط فيما كتبته بخط أنيق ا أنت كتبت فقلت بل أنت كتبت أو حكاية لما يلزم من اعتقادهم وجوازه كان كبيرهم غاظ ان يعبد معه غيره وقال القتيبي انه في المعنى متعلق بقوله فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ جعل النطق شرطا للفعل يعنى ان قدروا على النطق قدروا على الفعل فاراهم عجزهم عن النطق وفي ضمنه انا فعلته ذلك وروى عن الكسائي انه كان يقف عند قوله بل فعله يعنى فعله ابراهيم المذكور في كلام السائل فالفعل مسند إلى الضمير وقيل معناه فعله من فعله وفيه حذف الفاعل وهو غير جائز قلت ما روى عن الكسائي يابى عنه كلمة بل فان اضرابه عن اسناد الفعل إلى نفسه يشعر نفيه عنه وإلا لزم ما فعلته بل فعلته وأيضا يمنع الوقف على قوله بل فعله حديث أبى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لم يكذب ابراهيم الا ثلث كذبات


الصفحة التالية
Icon