ج ٦، ص : ٢١٩
الدنيا وكانت له الثنية من ارض الشام كلها سهلها وجبلها وكان له فيها من اصناف المال كله من الإبل والبقر والغنم والخيل والحمر مالا يكون لرجل أفضل منه في العدة والكثرة وكان له خمسمائة « ١ » فدان يتبعها خمسمائة عبد لكل عبد امرأة وولد ومال ويحمل فمعز الدولة كل فدان أتان ولد كل أتان اثنين وثلثة واربعة وخمسة وفوق ذلك وكان اللّه عزّ وجلّ أعطاه أهلا وولدا من رجال ونساء وكان برا تقيا رحيما بالمساكين يطعم المساكين ويكفل الأرامل والأيتام ويكرم الضيف ويبلغ أبناء السبيل وكان شاكر الا نعم اللّه موديا لحق اللّه قد امتنع من عدو اللّه إبليس ان يصيب منه ما يصيب من أهل الغنى والعزة والغفلة والشاغل عن امر اللّه بما فيه من الدنيا وكان معه ثلثة نفر قد أمنوا به وصدقوه رجل من أهل اليمن يقال له اليقن ورجلان من أهل بلده يقال لاحدهما يلد وللاخر صافر وكانوا كهولا فكان إبليس لا يحجب عن شيء من السموات وكان يقف فيهن حيث ما أراد حتى رفع اللّه عيسى عليه السّلام فحجب عن اربع فلما بعث محمد صلى اللّه عليه وسلم حجب من الثلث الباقيات فسمع إبليس تجاوب الملئكة بالصلوة على أيوب وذلك حين ذكر اللّه واثنى عليه فادركه البغي والحسد وصعد سريعا حتى وقف من السماء موقفا كان يقفه فقال الهى نظرت من امر عبدك أيوب فوجدته عبدا أنعمت عليه فشكرك وعافيته فحمدك ولو ابتلته بنزع ما أعطيته لحال عما هو عليه من شكرك وعبادتك ولخرج من طاعتك قال اللّه انطلق فقد سلّطتك على ماله فانقضى عدو اللّه إبليس حتى وقع إلى الأرض ثم جمع عفاريت الجن ومردة الشياطين وقال لهم فماذا عندكم من القوة فانى قد سلطت على مال أيوب وهى المصيبة القادحة الّتي لا يصبر عليها الرجال فقال عفريت من الشياطين أعطيت من القوة ماذا شئت تحولت اعصارا من النار واحترقت كل شيء اتى عليها
_________
(١) فدان كسحاب أو كشدّاد الثور أو الثور ان يقرن للحرث بينهما ولا يقال للواحد فدان أو هو فمعز الدولة الثوريين ١٢.