ج ٦، ص : ٢٣٣
والتوبيخ معناه أفظن ان لن نقدر عليه وقيل كان ذلك خطرة شيطانية سبقت إلى وهمه فسمى ظنا للمبالغة - قال الحسن بلغني ان يونس لمّا أصاب الذنب انطلق مغاضبا لربه فاستزلّه للشيطان حتى ظن ان لن نقدر عليه - وكان له سلف وعبادة فابى اللّه ان يدعه للشيطان فقذفه في بطن الحوت ومكث فيه أربعين من بين يوم رسله وقال عطاء سبعة ايام وقيل ثلثة ايام - وقيل ان الحوت ذهب به مسيرة ستة آلاف سنة وقيل بلغ به تخوم « ١ » الأرض السابعة فتاب إلى ربه في بطن الحوت وراجع نفسه فَنادى فِي الظُّلُماتِ أى في الظلمة الشديدة المتكاثفة - أو ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت - هذه الجملة معطوفة على جمل محذوفة معطوفة بعضها على بعض - تقديره إذ ذّهب مغاضبا فظنّ الّن تّقدر عليه فبلغ البحر فركب في السفينة فاحتبست السفينة فساهم فكان من المدحضين فالقى نفسه في البحر فاتقمه الحوت فنادى في الظلمات أَنْ أى بان لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧) على نفسى بالمبادرة إلى المهاجرة بلا اذن من اللّه تعالى - قال البغوي روى عن أبى هريرة مرفوعا انه اوحى اللّه إلى الحوت ان خذه ولا تخدش له لحما ولا تكسر له عظما فاخذه ثم هوى به إلى مسكنه في البحر فلما انتهى به إلى أسفل البحر سمع يونس تسبيحا فقال في نفسه ما هذا فاوحى اللّه إليه ان هذا تسبيح دواب البحر فسبح يونس وهو في بطن الحوت فسمع الملائكة تسبيحه فقالوا يا ربنا تسمع صوتا ضعيفا بأرض غريبة - وفي رواية صوت معروف في مكان مجهول قال ذاك عبدنا يونس عصانى فحبسته في بطن الحوت - فقالوا العبد الصالح الّذي كان يصعد منه إليك في كل يوم عمل صالح قال نعم فشفعوا له عند ذلك فامر الحوت فقذفه في الساحل كما قال اللّه تعالى فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ.
فَاسْتَجَبْنا لَهُ أى أجبنا دعوته وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ أى غم الخطيئة وغم التقام الحوت أو غم الظلمات بتلك الكلمات وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (٨٨) من الغموم إذا يدعوننا بالإخلاص ويستغيثوا بنا - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دعوة ذى النون إذ دعا ربه وهو في بطن الحوت لا اله الّا أنت سبحناك
_________
(١) التخرم بالضم الفصل بين الأرضين والمعالم والحدود ١٢ منه رح