ج ٦، ص : ٢٣٦
اى ملة التوحيد والايمان بجميع الأنبياء قائلا لا نفرّق بين أحد منهم والسمع والطاعة للّه ولرسله في كل وقت على حسب امره ونهيه فهو اشارة إلى جميع الملل الحقة أو للمراد ملة الإسلام أُمَّتُكُمْ أى ملتكم الّتي يجب عليكم أيها الناس كافة ان تكونوا عليها أُمَّةً منصوب على الحال والعامل فيه معنى الاشارة واحِدَةً غير مختلفة فيما بين الأنبياء ولا مشاركة لغيرها في صحة الاتباع قال اللّه تعالى ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه - والامة مشتق من امّ يأمّ بمعنى قصد يقصد فاطلق على الجماعة الّتي هى على مقصد واحد وعلى الدين والسنة كذا في القاموس لكون الدين والسنة مقصودين وَأَنَا رَبُّكُمْ لا رب لكم غيرى فَاعْبُدُونِ (٩٢) دون غيرى.
وَتَقَطَّعُوا فيه التفات من الخطاب إلى الغيبة - والتّفعّل بمعنى التفعيل يعنى قطعوا وفرقوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ أى امر دينهم فصاروا فرقا يلعن بعضهم بعضا وما كان ينبغى لهم ذلك كُلٌّ أى كل فرقة منهم إِلَيْنا راجِعُونَ (٩٣) فنجازيهم.
فَمَنْ يَعْمَلْ شيئا من الأعمال الصَّالِحاتِ وان كان مثقال ذرة وَهُوَ مُؤْمِنٌ باللّه ورسله وما جاءوا به - قيد بهذا لأن الايمان شرط للاثابة على الأعمال فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ أى لا بطلان والمنع عن الثواب بعمله استعير الكفر للمنع عن الثواب كما استعير الشكر لاعطائه ونفى الجنس للمبالغة وَإِنَّا لَهُ أى لسعيه وعمله كاتِبُونَ (٩٤) مثبتون في صحف الأعمال الّتي تكتبها الملائكة الكرام.
وَحَرامٌ قرأ أبو بكر وحمزة والكسائي بكسر الحاء وسكون الراء بلا الف بينهما والباقون بفتح الحاء والراء والف بينهما وهما لغتان مثل رحلّ وحلال والمعنى ممتنع غير متصور الوجود عَلى أهل قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أى حكمنا باهلاكها أو وجدناها هالكا يعنى كافرا - خبر مبتداء محذوف تقديره حرام وممتنع عليهم ذاك أى المذكور في الآية المتقدمة من عدم تضيع الحسنات يعنى نحبط أعمالهم - أو حرام أى ممتنع توبتهم أو حياتهم - تأنيا في الدنيا أو عدم بعثهم للجزاء وعلى هذا قوله تعالى أَنَّهُمْ إلينا لا يَرْجِعُونَ (٩٥) معناه لانهم لا يرجعون بالتوبة والإخلاص إلينا أو لانهم لا يرجعون إلى الدنيا حتى