ج ٦، ص : ٢٤٤
صلى اللّه عليه وسلم يقول لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلا دخله اللّه كلمة الإسلام بعز عزيز أو ذل ذليل اما يعزهم فيجعلهم من أهلها أو يذلهم فيدينون لها قال مقداد قلت فيكون الدين كله للّه.
إِنَّ فِي هذا أى فيما ذكرنا في القرآن من الاخبار والمواعظ والمواعيد لَبَلاغاً أى لكفاية لاجل دخول الجنة فانها زاد الجنة كبلاغ المسافر أو سبب بلوغ إلى المطلوب يعنى من اتعظ بها بلغ ما يرجوا من الثواب لِقَوْمٍ عابِدِينَ صفة لبلاغا أو متعلق به أى للمؤمنين الذين يعبدون اللّه عزّ وجلّ عبادة مقبولة وقال ابن عباس عالمين وقال كعب الأحبار هم أمة محمد صلّى اللّه عليه وسلم أهل الصلاة الخمس وشهر رمضان.
وَما أَرْسَلْناكَ يا محمّد إِلَّا رَحْمَةً منصوب على العلية أو على الحال من كاف الخطاب لِلْعالَمِينَ يعنى لرحمتنا على الانس والجن أرسلناك ليهتدوا بك أو أرسلناك حال كونك رحمة يعنى سببا للرحمة روى الحاكم عن أبى هريرة وابن سعد والحكيم عن أبى صالح مرسلا انه قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم انما انا رحمة مهراة وروى البخاري في التاريخ عن أبى هريرة بلفظ انما بعثت رحمة ولم ابعث عذابا وهذه الجملة معطوفة على قوله تعالى ان في هذا لبلاغا وتأكيد له في المعنى فان القرآن لما كان بلاغا وزادا إلى الجنة كان إرسال الرسول الّذي انزل عليه القرآن رحمة والمعنى ان ما بعثت به سبب لاسعادهم وموجب لصلاح معاشهم ومعادهم فمن لم يستعدبه وابى من ان يصير مرحوما فهو ظالم على نفسه وذالا ينافى كونه رحمة وقال ابن عباس هو رحمة للكافر في الدنيا بتأخير العذاب عليهم ورفع المسخ والخسف والاستيصال قل يا محمد.
إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ جعلة مستانفة في جواب ما أقول لهم حين بعثت رحمة وما في انما يوحى كافة والحصر المستفاد منه مبنى على المبالغة والحاصل ان المقصود الأصلي من الوحى التوحيد فكانه هو الموحى الىّ لا غير أو المعنى انما يوحى إلى في امر عبادة اللّه الا التوحيد وجاز ان يكون ما موصولة في حمل النصب على الاسمية وانما إلهكم في محل الرفع على الخبرية


الصفحة التالية
Icon