ج ٦، ص : ٢٧٤
الحرم فان استحلال الحرم والإلحاد فيه حرام مسجدا كان أو غيره والإلحاد في اللغة الميل والعدول عن قصد السبيل والمراد هاهنا على قول مجاهد وقتادة هو الشرك وعبادة غير اللّه وقال قوم هو كل شيء كان منهيا عنه من قول أو فعل حتى شتم الخادم وقال عطاء هو دخول الحرم غير محرم أو ارتكاب شيء من محظورات الحرم من قتل صيد أو قطع شجر وقال ابن عباس هو ان تقتل فيه من لا يقتلك أو تظلم فيه من لا يظلمك وهذا معنى قول الضحاك وعن مجاهد تضاعف السيئات بمكة كما تضاعف الحسنات وقال حبيب بن أبى ثابت احتكار الطعام بمكة وقال عبد اللّه بن مسعود في قوله من يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب اليم قالوا ان رجلا همّ بخطيئة لم يكتب عليه ما لم يعملها ولو ان رجلاهمّ بقتل رجل بمكة وهو بعدن أو ببلد اخر اذاقه اللّه من عذاب اليم قال السدى الا ان يتوب وروى عن عبد اللّه بن عمر وانه كان له فسطاطان أحدهما في الحل والآخر في الحرم فإذا أراد ان يعاتب اهله عاتبهم في الآخر فسئل عن ذلك فقال كنا نحدث ان من الإلحاد فيه ان يقول الرجل كلا واللّه وبلى واللّه.
وَاذكر إِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ أى عينا وجعلنا له مَكانَ الْبَيْتِ مبوأ أى منزلا كذا قال الزجاج وقيل اللام زائدة ومكان ظرف والمعنى وإذ أنزلناه فيه قال في القاموس بواه منزلا وفيه أنزله والمبأة المنزل وانما ذكر مكان البيت لأن الكعبة رفعت إلى السماء من الطوفان ثم لما امر اللّه تعالى ابراهيم عليه السّلام ببناء البيت لم يدر اين يبنى فبعث اللّه ريحه خجوجا « ١ » فنكست له ما حول البيت عن الأساس كذا قال البغوي وأخرج ابن جرير وابن أبى حاتم والبيهقي في الدلائل عن السدى بعث اللّه ريحا يقال لها ريح الخجوج لها جناحان ورأس في صورة حية فنكست لها ما حول الكعبة عن أساس البيت الأول وقال البغوي قال الكلبي بعث اللّه سبحانه بقدر البيت فقامت بحيال البيت وفيها راس يتكلم يا ابراهيم ابن على قدرى فبنى عليه أَنْ لا تُشْرِكْ ان مصدرية متعلق بفعل محذوف أى عهدنا إلى ابراهيم ان لا تشرك أو المعنى فعلنا ذلك لان
_________
(١) خجوجا أى شديدة الروح وغير استواء ١٢.