ج ٦، ص : ٥٠٦
الأفضل مدة حياته - روى الشيخان في الصحيحين ان نفرا من اصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم سألوا أزواجه عن عمله في السر فقال بعضهم لا أتزوج النساء وقال بعضهم لا أكل اللحم وقال بعضهم لا أنام على فراش فبلغ ذلك النبي صلى اللّه عليه وسلم فحمد اللّه واثنى عليه وقال ما بال أقوام قالوا كذا ولكنى أصلي وأنام وأصوم وأفطروا تزوج النساء فمن رغب عن سنتى فليس منى وروى البخاري عن ابن عباس انه قال تزوجوا فان خير هذه الامة كان أكثرهم نساء يعنى النبي صلى اللّه عليه وسلم - وقد مر نهيه صلى اللّه عليه وسلم عن التبتل نهيا شديدا - وتحقيق المقام عندى ان من راى من نفسه ان النكاح واشتغاله بامر الأهل والعيال لا يمنعه عن الإكثار في الذكر والانقطاع إلى اللّه من غيره وتعمير الأوقات بالطاعات فالنكاح في حقه أفضل من تركه وكان هذا شأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والصحابة وكثير من الأنبياء والصالحين من عباد اللّه وكيف لا يكون أفضل فان مجاهدته أشد واكثر من مجاهدة العزب فان القيام على العبادة مع الموانع اكثر ثوابا منه مع عدم الموانع ومن أجل ذلك كان خواص البشر أفضل من خواص الملائكة وعوامهم أفضل من عوامهم ومن عط راى من نفسه ضعفا وراى ان النكاح واشتغاله بامور الأهل والعيال يمنعه من الإكثار في الذكر والانقطاع إلى اللّه وتعمير الأوقات ولا يخاف من نفسه الوقوع في الزنى فترك النكاح في حقه أفضل قال اللّه تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ وقال اللّه تعالى قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ
وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وقال اللّه تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا