ج ٦، ص : ٥٠٧
لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ
- وكيف يكون النكاح أفضل من الاشتغال بعبادات اللّه النافلة مع
ان النكاح في نفسه امر مباح ليس بعبادة وضعا واستحبابه انما هو بالنظر إلى ما يترتب عليه من المصالح ولو كان النكاح في نفسه عبادة لكان الإسلام شرطا لاتيانها كما هو شرط لسائر العبادات وقد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه - متفق عليه من حديث عمر بن الخطاب ولو كان النكاح في نفسه عبادة لكانت الهجرة لاجل النكاح هجرة للّه تعالى وقد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حبب الىّ من الدنيا النساء والطيب وجعل قرة عينى في الصلاة - رواه النسائي وكذا روى الطبراني واسناده حسن وهو صريح في ان النكاح من الأمور الدنيوية المباحة كالطيب وتسميته سنة في قوله صلى اللّه عليه وسلم اربع من سنن المرسلين النكاح والتعطر الحديث بمعنى كونه سنة زائدة من السنن العادية لا انه من سنن الهدى فان سنة الهدى ما واظب عليه النبي صلى اللّه عليه وسلم على سبيل العبادة لا يقال ان قوله صلى اللّه عليه وسلم من رغب عن سنتى فليس منى - يدل على كونه من سنن الهدى لانا نقول لا يدل هذا على ذك لأن الرغبة عما فعله النبي صلى اللّه عليه وسلم واستحسنه قبيح يوجب الإنكار والعتاب لكن تركه لا يوجب العتاب كما يوجب ترك سنة الهدى - فان قيل ورد في الحديث حبب الىّ من الدنيا ثلاثة الطيب والنساء وجعلت قرة عينى في الصلاة - فهذا اللفظ يدل على كون الصلاة أيضا من الأمور الدنيوية - قلنا قال الحافظ ابن حجر لم نجد لفظة ثلاث في شيء من الطرق المسندة وحديث الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة - رواه مسلم عن عمرو بن العاص مرفوعا وهذا أيضا يدل على كون النكاح من الأمور الدنيوية المباحة فكل امر وقع في باب النكاح في الكتاب أو السنة محمول على الإباحة أو الاستحباب واما حديث عكاف أنت اذن