ج ١، ص : ٢٨
وَالنَّاسِ - أو المراد الكهنة ولا يكون كاهن الا ومعه الشيطان تابع له والشيطان - مشتق من شطن أى بعد يقال بيرشطون أى بعيد العمق سمى لامتداده في الشر وبعده من الخير - أو من شاط أى بطل ومن أسمائه الباطل - وحينئذ النون زائدة قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ فى الدين والاعتقاد خاطبهم بالجملة الاسمية المؤكدة بان للدلالة على تحقيق ثباتهم على ما كانوا إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (١٤) تأكيد لما قبله لأن المستهزئ بالشيء المستخف به مصر على خلافه - أو بدل منه لأنه من حقّر الإسلام فقد عظّم الكفر - أو استيناف كانّ الشياطين قالوا لهم لما قالوا انّا معكم ان صح ذلك فما لكم تدعون الايمان فاجابوا - والاستهزاء السخرية والاستخفاف - هزأت واستهزأت كاجبت واستجبت بمعنى وأصله الخفة ناقة تهزئ أى تسرع قرأ أبو جعفر مستهزون - ويستهزون - واستهزوا - وليطفوا ليواطوا - ويستنبؤنك وخطون - وخاطين - ومتّكون - ومتّكين - فمالون - والمنشون - بترك الهمزة فيهن.
اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ أى يجازيهم على استهزائهم سمى الجزاء به للمقابلة قال البغوي قال ابن عباس - هو ان يفتح لهم باب من الجنة فإذا انتهوا إليه سد عنهم وردوا إلى النار - وقيل هو ان يجعل للمؤمنين نور يمشون به على الصراط فإذا وصل المنافقون إليه حيل بينهم وبين المؤمنين قال اللّه تعالى فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ الآية - قال الحسن - معناه ان اللّه يظهر على المؤمنين نفاقهم انتهى - وأخرج ابن أبى الدنيا في كتاب الصمت عن الحسن - ان المستهزءين بالناس يفتح لاحدهم باب إلى الجنة فيقال هلم هلم فيجىء فإذا أتاه غلق دونه فما يزال كذلك الحديث - وهذا مرسل جيد وانّما استونف ولم يعطف ليدل على ان اللّه تعالى كاف في مجازاتهم لا حاجة للمومنين ان يعارضوهم ولم يقل اللّه مستهزئ بهم لتجدد الاستهزاء بهم حينا بعد حين - أَوَلا يَرَوْنَ « ١ » أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ - وَيَمُدُّهُمْ يتركهم ويمهلهم - من مدّ الجيش إذا زاده وقوّاه أصله الزيادة - والمد والامداد واحد غير ان المد كثير امّا يستعمل في الشر والامداد في الخير كما في أمددناكم باموال وبنين - فِي طُغْيانِهِمْ - أى تجاوز الحد في العصيان والكفر - أماله الكسائي حيث وقع - يَعْمَهُونَ (١٥) يترددون - العمه في البصيرة كالعمى في البصر.
أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا استبدلوا الضَّلالَةَ - الكفر - بِالْهُدى بالايمان - فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ
_________
(١) فى القرآن أفلا ترون المؤلف عفا الله عنه.


الصفحة التالية
Icon