ج ٧، ص : ٣٥٤
بالتبليغ أخرج البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجة عن أبى سعيد الخدري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يدعى نوح يوم القيامة فيقال له هل بلّغت فيقول نعم فيدعى أمته فيقال لهم هل بلغكم فيقولون ما أتانا من نذير ما أتانا أحد فيقال من يشهد لك فيقول محمد وأمته الحديث - وفى الباب أحاديث كثيرة فهو حال مقدرة كقولك مررت برجل معه صقر صائدا به غدا وَمُبَشِّراً بالجنة من أمن بالرسل وَنَذِيراً (٤٥) بالنار لمن كذب الرسل.
وَداعِياً إِلَى اللَّهِ أى إلى توحيده وطاعته أو إلى جنته أو لقائه الغير المتكيفة بِإِذْنِهِ أى بامره وتيسيره قيد به الدعوة إيذانا بانه امر صعب لا يتاتى الا بمعونة من جناب قدسه خصوصا الدعوة إلى لقائه فان إيصال العبد إليه تعالى امر لا يمكن الا بفضله قال اللّه تعالى إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ... إِلى « ١ » صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ - عن ربيعة الجرشى قال اتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقيل له لتنم عيناك ولتسمع اذنك ولتعقل قلبك قال فنامت عينى وسمعت إذ ناى وعقل قلبى قال فقيل لى سيد بنى دارا وصنع مأدبة وأرسل داعيا فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة ورضى عنه السيد ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة وسخط عليه السيد قال فاللّه السيد ومحمد الداعي والدار الإسلام والمأدبة الجنة - رواه الدارمي وَسِراجاً مُنِيراً (٤٦) سماه سراجا لأنه يستضاء به ويهتدى به كالسراج يستضاء به ويهتدى به فى ظلمة الليل يعنى انه صلى اللّه عليه وسلم كان بلسانه داعيا إلى اللّه وبقلبه وقالبه كان مثل السراج يتلون المؤمنون بألوانه ويتنورون بانواره كالعالم يتنور بنور الشمس والبيت بالسراج - ولاجل ذلك اختصت الصحابة رضى اللّه عنهم بمزيد الفضل على الناس فان علومه التي تلقتها الامة من لسانه لم يتفاوت فيه الناس من الصحابة وغيرهم بل رب مبلغ اوعى من سامع - واما التنوّر بانواره فانه وان كان حاصلا للناس بتوسط أصحابه واصحاب أصحابه إلى يوم القيامة لكن ليس النائب فيه كالشاهد بل مثله كمثل بيت تنوّر بنور الساحة
_________
(١) هكذا فى الأصل وفى القرآن بعد مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ جمع المؤلف قدس سرّه جملتين من مقامين - أبو محمد عفا اللّه عنه


الصفحة التالية
Icon