ج ٧، ص : ٣٦٢
فى قوله تعالى وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً الآية قال نزلت فى أم شريك الدوسية وأخرج ابن سعد عن منير بن عبد اللّه الدوسي ان أم شريك عزية بنت جابر بن حكيم الدوسي عرضت نفسها على النبي صلى اللّه عليه وسلم وكانت جميلة فقبلها فقالت عائشة ما فى امراة حين تهب نفسها لرجل خير قالت أم شريك فانا تلك فسماها اللّه مؤمنة فقال وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ فلمّا نزلت هذه الآية قالت عائشة ان اللّه يسرع لك فى هواك.
اخرج ابن سعد عن أبى رزين قال همّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ان يطلق من نسائه فلمّا راين ذلك جعلنه فى حل من انفسهن يؤثر من يشاء على من يشاء منهن فانزل اللّه تعالى إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ إلى قوله تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ الآية وقوله تعالى خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ يدل على انه كان من خصائص النبي صلى اللّه عليه وسلم ان ينعقد النكاح فى حقه بغير مهر وذلك هو المراد بقوله تعالى إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ يعنى ان زوجت نفسها بغير مهر كما ان الزيادة على اربع من النساء كان من خصائصه صلى اللّه عليه وسلم وقيل هذه الآية تدل على ان انعقاد النكاح بلفظ الهبة كان من خصائص النبي صلى اللّه عليه وسلم ولا يجوز ذلك لغيره قال البغوي وهو قول سعيد بن المسيب والزهري ومجاهد وعطاء وبه قال ربيعة ومالك والشافعي قالوا لا ينعقد النكاح لغير النبي صلى اللّه عليه وسلم الا بلفظ النكاح والتزويج - قلت وبه قال أحمد وذكر فى ترجمة الآية فى اختلاف الائمة قول أحمد انه ينعقد النكاح بلفظ الهبة مع ذكر المهر - وقال أبو حنيفة رح انعقاد النكاح بلفظ الهبة ليس من خصائص النبي صلى اللّه عليه وسلم بل يجوز نكاح كل أحد بلفظ الهبة والبيع والصدقة والتمليك وكل لفظ وضع لتمليك العين مؤبدا ولا يجوز بلفظ الاجارة والاعارة وقال الكرخي يجوز بلفظ الاجارة والاعارة أيضا لأن الثابت بهما تمليك المنفعة وذلك فى النكاح أيضا وقد اطلق اللّه سبحانه لفظ الاجرة على المهر حيث قال أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ قلنا الاجارة والاعارة ليسا سببين لملك المتعة فلا طريق للاستعارة هناك ولا بلفظ الوصية لانها توجب الملك مضافا إلى ما بعد الموت وعن الطحاوي انه ينعقد به النكاح لأنه يثبت به ملك الرقبة فى الجملة