ج ٨، ص : ١١
جعلت الجبال تجاوبه بالتسبيح نحو ما يسبح وقيل كان داود إذا لحقه فتور أسمعه اللّه تسبيح الجبال تنشيطا له وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (١٠) حتى كان الحديد فى يده كالشمع والعجين يعمل منه ما يشأ من غير نار ولا ضرب مطرقة.
قال البغوي كان سبب ذلك على ما روى فى الاخبار ان داود لمّا ملك بنى إسرائيل كان من عادته ان يخرج للناس متنكرا فإذا راى من لا يعرفه يقدم إليه ويسئله عن داود ويقول له ما تقول فى داود وإليكم هذا اىّ رجل هو فيثنون عليه ويقولون خيرا فقيض اللّه له ملكا فى صورة آدمي فلما راه داود تقدم إليه على عادته فساله فقال الملك نعم الرجل هو ولا خصلة فيه فراع داود ذلك وقال ما هى يا عبد اللّه قال انه يأكل ويطعم عياله من بيت المال قال فتنبه لذلك وسال اللّه ان يسبب له سببا يستغنى به عن بيت المال فيتقوت منه ويطعم عياله فالان اللّه له الحديد وعلّمه صنعة الدرع وانه أول من اتخذها ويقال انه كان يبيع كل درع باربعة آلاف درهم فيأكل ويطعم منها عياله ويتصدق منها على الفقراء والمساكين ويقال انه كان يعمل كل يوم درعا يبيعها بستة آلاف درهم فينفق منها الفين على نفسه وعياله ويتصدق باربعة آلاف على الفقراء والمساكين عن المقدام بن معديكرب قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ما أكل أحد طعاما قط خيرا من ان يأكل من عمل يديه وان نبى اللّه داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده - رواه البخاري واحمد وذكر البغوي هذا الحديث بلفظ كان داود لا يأكل الا من عمل يده.
أَنِ اعْمَلْ أى أمرناه ان اعمل ان مصدرية أو مفسرة سابِغاتٍ أى دروعا كوامل واسعات طوال يجرها لابسها على الأرض وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ السرد خرذ الجلد واستعير لنسج الدرع يعنى قدر فى نسجها بحيث تناسب حلقها ومساميرها فلا تجعلها رقاقا فتغلق ولا غلاظا فتكسر الحلق وَاعْمَلُوا يا داود واله صالِحاً خالصا للّه صالحا لقبوله منصوب على المفعولية أو المصدرية إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١) فاجازيكم عليه عن أبى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ان اللّه طيب لا يقبل الا طيبا امر المؤمنين بما امر المرسلين