ج ٨، ص : ٣٧
معادات الخلائق موجود فما هذا الدعوى من محمد صلى اللّه عليه وسلم الا لجلب نفع متوقع فى غير هذا الدار الدنيا ودفع ضرر كذلك فيثبت بهذه المقدمات قوله إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ (٤٦) يلحق بكم فى غير هذا الدار فهذه المقدمات يرشد إلى وجوب اتباعه لا سيما قد انضم ذلك إلى معجزات كثيرة - قال ابن عباس لمّا نزلت وانذر عشيرتك الأقربين صعد النبي صلى اللّه عليه وسلم على الصفا فجعل ينادى يا بنى فهر يا بنى عدى لبطون قريش حتى اجتمعوا فقال ارايتكم لو أخبرتكم ان خيلا تريد ان تغير عليكم أكنتم مصدقى قالوا ما جرّبنا عليك الا صدقا قال فانى نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ فقال أبو لهب تبّا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا فنزلت تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ - متفق عليه - قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ على الرسالة فَهُوَ لَكُمْ يعنى لا اسئلكم شيئا وقيل معناه ما سألتكم من اجر بقولي ما اسئلكم عليه من اجر الّا من شاء ان يتّخذ إلى ربه سبيلا وقوله لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى...
فَهُوَ لَكُمْ أى لفائدتكم لأن اتخاذ السبيل إلى اللّه ينفعكم وقربائى قرباكم - قلت بل قربى النبي صلى اللّه عليه وسلم علماء الظاهر والباطن من أهل بيته وغيرهم ومودتهم يورث التقرب إلى اللّه سبحانه إِنْ أَجْرِيَ قرأ ابن كثير وأبو بكر ويعقوب وخلف - أبو محمد وحمزة والكسائي بإسكان الياء والباقون بفتحها إِلَّا عَلَى اللَّهِ فى غير هذا الدار الدنيا ولو لا ذلك لم ارتكب تحمل تلك المشقة عبثا فلا بد لكم ان تتبعونى وتعملوا ما يوجب لكم الاجر على اللّه عزّ وجلّ تفضلا منه بناء على وعده قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يا معاذ هل تدرى ما حق اللّه على عباده وما حق العباد على اللّه قلت اللّه ورسوله اعلم قال حق اللّه على العباد ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وحق العباد على اللّه ان لا يعذب من لا يشرك به شيئا - متفق عليه عن معاذ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ شَهِيدٌ (٤٠) فيجازى كل امرئ على حسب عمله واعتقاده.
قُلْ يا محمد إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ أى يلقيه وينزله على من يشاء ان يجتبيه من عباده أو المعنى يرمى به الباطل فيدمغه أو المعنى يرمى به إلى أقطار الآفاق


الصفحة التالية
Icon