ج ٨، ص : ٧٨
وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي ما استفهامية مبتدا والظرف خبر له ولا اعبد حال من ضمير المتكلم والجملة معطوفة على قوله يا قوم اتّبعوا المرسلين وفيه التفات من الغيبة إلى التكلم وفيه تلطف فى الإرشاد بايراده فى معرض المناصحة لنفسه وإمحاض النصح حيث أراد لهم ما أراد لنفسه والمراد تقريعهم على تركهم عبادة خالقهم إلى عبادة غيره ولذلك قال وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٢) مبالغة فى التهديد ثم عاد إلى السياق الأول فقال.
أَأَتَّخِذُ الآية وأخرج ابن المنذر وابن أبى حاتم عن قتادة قال كان حبيب فى الغار يعبد اللّه فلما بلغه خبر الرسل أتاهم يعنى قومه فاظهر دينه وقال يا قوم اتّبعوا المرسلين اتّبعوا من لا يسئلكم اجرا وهم مهتدون فلما قال ذلك قالوا له وأنت مخالف لديننا ومتابع دين هؤلاء الرسل فقال وما لى لا اعبد الّذى فطرنى أى خلقنى واليه ترجعون - قرأ حمزة ويعقوب « و خلف - أبو محمد » ما لى بسكون الياء والباقون بفتحها قيل أضاف الفطرة إلى نفسه والرجوع إليهم لأن الفطرة اثر النعمة وكان عليه إظهاره وفى الرجوع معنى الزجر فكان أليق بهم قيل انه لمّا قال اتّبعوا المرسلين أخذوه فرفعوه إلى الملك فقال له الملك أفأنت تتبعهم فقال وما لى لا اعبد الّذى فطرنى يعنى اىّ شىء لى إذا لم اعبد خالقى واليه ترجعون عند البعث فيجازيكم ءاتّخذ استفهام انكار أى لا اتخذ مِنْ دُونِهِ أى دون الذي فطرنى آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي أى لا تنفعنى شَفاعَتُهُمْ التي تزعمونها شَيْئاً من الإغناء وَلا يُنْقِذُونِ (٢٣) قرأ ورش « و يعقوب فى الحالين - أبو محمد » بإثبات الياء فى الوصل والباقون بالحذف فى الحالين أى لا ينقذونى من عذاب اللّه ان عذبنى وفى نفى الإغناء عن الشفاعة فى دفع الضرر والانقاذ من العذاب مبالغة فى نفى النفع عن شفاعتهم مطلقا فان قبول الشفاعة لدفع الضرّ اقرب من قبولها لنيل الرحمة والجملة الشرطية صفة لالهة.
إِنِّي قرأ نافع وأبو عمرو بفتح الياء والباقون بإسكانها إِذاً أى إذا اتخذ ما لا ينفع ولا يضر بوجه ما الهة من دون من فطرنى وهو يقدر على النفع والضر لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٤) ظاهر لا يخفى على من له ادنى تميز كونه ضلالا - والجملة تعليل للانكار على اتخاذ الالهة.
إِنِّي قرأ نافع « و أبو عمرو وأبو جعفر وأبو محمد » وابن


الصفحة التالية
Icon