ج ٨، ص : ٨٨
لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٥) أى لتكونوا راجين رحمة اللّه وجواب إذا محذوف تقديره إذا قيل لهم اتقوا اعرضوا بقرينة قوله تعالى.
وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ من الاولى زائدة لتأكيد النفي والثانية للتبعيض إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٤٦) استثناء مفرغ مثل قوله الّا كانوا به يستهزءون هذه الآية فى مقام التعليل لما سبق يعنى إذا قيل لهم اتّقوا اعرضوا لانهم اعتادوه وتمرنوه والجملة الشرطية اعنى قوله وإذا قيل لهم مع ما عطف عليه اعنى وما تأتيهم من اية عطف على قوله وما يأتيهم من رّسول.
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ عطف على الشرطية السابقة يعنى كان المؤمنون يقولون لكفار مكة أَنْفِقُوا على المساكين مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ من الأموال قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا فيه وضع المظهر موضع الضمير للتسجيل عليهم بكفرهم لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ يعنى ان اللّه لم يرزقهم مع قدرته عليه فنحن نوافق مشية اللّه فلا نطعمهم (قيل قاله مشركوا قريش حين استطعمهم فقراء المؤمنين أخرجه ابن أبى حاتم عن الحسن وعبد بن حميد وابن المنذر عن إسماعيل بن خالد) وهذا قول باطل فان اللّه تعالى اغنى بعض الخلق وأفقر بعضهم ابتلاء فمنع الدنيا من الفقير لا بخلا وامر الغنىّ بالإنفاق لا حاجة إلى ما لهم ولكن ليبلو الغنى بالفقير فيما فرض له فى مال الغنى ولا اعتراض لاحد على مشية اللّه وحكمه فى خلقه ولا يدرك العقول كل حكمة فى أفعاله إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٤٧) حيث أمرتمونا ما يخالف مشية اللّه ويجوز ان يكون جوابا لهم من اللّه تعالى أو حكاية لجواب المؤمنين لهم..
وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ أى القيامة والبعث عطف على الشرطية السابقة استفهام استبطاء إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٨) فى الاخبار بإتيانه جواب الشرط محذوف يعنى فانبئونا عن وقت إتيانه خطاب للرسول صلّى اللّه عليه وسلم وللمؤمنين.
ما يَنْظُرُونَ حال من فاعل يقولون يعنى يقولون ذلك فى حال ما ينتظرون إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً استثناء مفرغ منصوب على المفعولية قال ابن عباس يريد به النفخة الاولى فان قيل ان الكفار لم يكونوا يعتقدون النفخة فكيف ينتظرونها قلنا هذه الآية كناية عن عدم تركهم المعاصي


الصفحة التالية
Icon