ج ٨، ص : ٩١
الرّحمن وصدق فيه المرسلون وجاز ان يكون صدق المرسلون جملة مستأنفة معطوفة على جملة فهذا اقرار منهم حين لا ينفعهم الإقرار وقيل هذا قول الملائكة جوابا لهم وقال مجاهد هذا قول المؤمنين فى جوابهم وانما عدل عن سنن الجواب تذكيرا لكفرهم وتقريعا لهم عليه وتنبيها بان الذي يهمهم هو السؤال عن البعث دون الباعث كانّهم قالوا بعثكم الرحمان الذي وعدكم بالبعث وأرسل إليكم الرسل فصدقوكم وليس الأمر كما تظنون انه بعث النائم فيهكم السؤال عن الباعث بل هو البعث الأكبر ذو الأهوال وجاز ان يكون هذا صفة لمرقدنا وما وعد خبر محذوف أو مبتدا خبره محذوف يعنى ما وعد الرّحمان حق وصدق المرسلون وعلى هذا التأويل لا يلايم السكتة أو الوقف على مرقدنا.
إِنْ كانَتْ أى ما كانت الفعلة فى بعثهم إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً هى النفخة الاخيرة فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ أى مجموعون لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (٥٣) خبر بعد خبر وفى ذلك تهوين لامر البعث والحشر واستغنائهما عن الأسباب التي ينوطان بها فيما يشاهدونه.
فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٥٤) حكاية لما يقال لهم تصويرا للموعود وتمكينا له فى النفوس وكذا قوله -.
إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو بسكون الغين والباقون بضمها وهما لغتان مثل السّحت والسّحت - واختلفوا فى معنى الشغل قال ابن عباس فى افتضاض الابكار وقال وكيع بن الجراح فى السّماع وقال الكلبي فى شغل عن أهل النار وعمّا هم فيه لا يهمهم أمرهم ولا يذكرونهم وقال الحسن شغلوا بما فى الجنة من النعيم عمّا فيه أهل النار من العذاب وقال ابن كيسان فى زيارة بعضهم بعضا وفى ضيافة اللّه تعالى والاولى ان يقال فى شغل ما يشتهونه؟؟؟
العلية الذين لا مقصود لهم الا اللّه تعالى شغلهم الانهماك والاستغراق فى التجليات الذاتية على حسب مدارجهم وغيرهم كان شغلهم بالسماع والرياح والاكل والشرب والجماع على حسب شهواتهم ورغباتهم - أخرج أبو نعيم عن شيخ طريقتنا أبى يزيد البسطامي انه قال ان للّه خواصا من عباده لو حجبهم فى الجنة عن رؤيته لاستغاثوا كما يستغيث أهل النار


الصفحة التالية
Icon