ج ٨، ص : ٩٢
بالخروج من النار - وفى تنكير شغل وإبهامه تعظيم لما هم فيه من البهجة والتلذذ وتنبيه على انه أعلى ممّا يحيط به الافهام ويعرب عن كنهه الكلام فاكِهُونَ (٥٥) خبر بعد خبر لأن قرأ أبو جعفر فكهون بغير الف حيث كان ووافق حفص فى المطففين وفيه مبالغة والباقون بألف وهما لغتان مثل الحاذر والحذر يعنى ناعمون متلذذون فى النعمة من الفكاهة وقال مجاهد والضحاك معجبون بما هم فيه وعن ابن عباس قال هم فرحون.
هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ قرأ حمزة والكسائي « و خلف - أبو محمد » ظلل بغير الف جمع ظلّة والباقون ظلال بالألف وكسر الظاء جمع ظلّ وهو موضع الذي لا يقع عليه الشمس كشعاب أو ظلة وهو ما يسترك عن الشمس كقباب عَلَى الْأَرائِكِ يعنى السرر فى الحجال واحدتها اريكة قال البغوي قال ثعلب لا يكون اريكة حتى يكون عليها حجلة وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال لا يكون اريكة حتى يكون السرير فى الحجلة فان كان السرير بغير حجلة لا يكون اريكة وان كان حجلة بغير سرير لا يكون اريكة فإذا اجتمعا كانت اريكة وأخرج البيهقي عن مجاهد قال الأرائك من لؤلؤ وياقوت الجار والمجرور متعلق بقوله مُتَّكِؤُنَ (٥٦) هم مبتدا خبره فى ظلل وعلى الأرائك جملة مستأنفة أو خبر ثان أو الخبر متّكؤن والجار ان صلة له أو هم تأكيد للضمير فى شغل أو فاكهون وعلى الأرائك متّكؤن خبر آخر لانّ - وأزواجهم عطف على هم للمشاركة فى الاحكام أو فى ظلال حال من المعطوف والمعطوف عليه -.
لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ (٥٧) أى ما يطلبون لانفسهم يفتعنون من الدّعاء أو يتمنون من قولهم ادّع علىّ ما شئت بمعنى منّه علىّ أو ما يدّعون في الدنيا من الجنة ودرجاتها وما موصولة أو موصوفة مبتدا وخبرها لهم.
سَلامٌ بدل منها ويجوز ان يكون خبرا لهم أو أخبر المحذوف أى هم سلام أو مبتدا محذوف الخبر أى لهم سلام قَوْلًا يعنى يقول اللّه قولا أو يقال لهم قولا كائنا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨) والمعنى ان اللّه يسلّم عليهم بواسطة الملائكة أو بغير واسطة تعظيما لهم وذلك مطلوبهم ومقناهم ويحتمل نصبه على الاختصاص أخرج ابن ماجة
التفسير المظهري، ج ٨، ص : ٩٣
وابن أبى الدنيا والدار قطنى والآجري عن جابر قال قال النبي صلى اللّه عليه وسلم بينا أهل الجنة فى نعيمهم إذ سطع عليهم نور فرفعوا رءوسهم فاذ الرب تبارك وتعالى قد اشرف عليهم من فوقهم فقال السلام عليكم يا أهل الجنة وذلك قوله تعالى سلام قولا من ربّ رّحيم فقال فينظر إليهم وينظرون إليه فلا يلتفتون إلى شىء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحجب عنهم ويبقى نوره وبركته فى ديارهم قال السيوطي اشرافه سبحانه واطلاعه منزه عن المكان والحلول قال البغوي يسلم عليهم الملائكة من ربهم وقال مقاتل يدخل الملائكة على الجنة من كل باب سلام عليكم يا أهل الجنة من ربكم الرحيم يعطيهم السلامة اسلموا السلامة الابدية -.
وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (٥٩) قال مقاتل والسديّ والزجاج يعنى اعتزلوا من الصالحين يعنى يساق المؤمنون إلى الجنة والمجرمون إلى النار عطف على مضمون ما سبق. وقال الضحاك ان لكل كافر فى النار بيتا يدخل ذلك البيت ويردم بابه بالنار فيكون فيه ابد الآبدين لا يرى ولا يرى - أخرج ابن جرير وابن أبى حاتم وابن أبى الدنيا والبيهقي عن مسعود قال إذا القى فى النار من هو مخلد فيها جعلوا فى توابيت من حديد فيها مسامير من حديد ثم جعلت تلك التوابيت فى توابيت من حديد ثم قذفوا فى أسفل الجحيم فما يرى أحدهم انه يعذب غيره - وأخرج أبو نعيم والبيهقي عن سويد بن عفلة نحوه.
أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ الم آمركم على لسان المرسلين استفهام للانكار وانكار النفي اثبات يعنى قد عهدتّ إليكم والجملة فى مقام التعليل لتميزهم من المؤمنين يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ أى لا تطيعوه فى معصية اللّه ان مفسرة للعهد فانه فى معنى القول إِنَّهُ أى الشيطان ل َكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ
(٦٠) ظاهر العداوة تعليل للمنع عن طاعته فيما يحملهم عليه.
وَأَنِ اعْبُدُونِي عطف على أو لا تعبدوا هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) اشارة إلى ما عهد إليهم أو إلى عبادته تعالى والجملة استيناف لبيان المقتضى للعهد بشقيه أو بالشق الأخير والتنكير للمبالغة والتعظيم أو للتبعيض فان التوحيد سلوك بعض الطريق المستقيم.
وَلَقَدْ أَضَلَّ الشيطان مِنْكُمْ جِبِلًّا قرأ أهل المدينة وعاصم بكسر الجيم والباء وتشديد اللام ويعقوب بضم الجيم والباء وتشديد اللام


الصفحة التالية
Icon