ج ٨، ص : ١١٧
ذلك القائل هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُون َ
(٥٤) أى أهل النار لاراكم ذلك القرين وقيل القائل هو اللّه أو بعض الملائكة يقول لهم هل تحبون ان تطلعوا على أهل النار لاراكم ذلك القرين ولتعلموا اين منزلتكم من منزلتهم قال ابن عباس ان فى الجنة كوى ينظر أهلها منها إلى النار.
فَاطَّلَعَ هذا المؤمن على أهل النار فَرَآهُ أى قرينه فِي سَواءِ الْجَحِيمِ (٥٥) أى وسطه يسمى وسط الشيء سواء لاستواء الجوانب منه أخرج هنا وعن ابن مسعود فى الآية قال فاطّلع ثم التفت إلى أصحابه فقال رايت جماجم القوم تغلى « الجمجمة كاسه سر - منه ره ».
قالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (٥٦) قرأ يعقوب بإثبات الياء فى الحالين وورش وصلا فقط والباقون بحذفها فى الحالين يعنى كدتّ لتهلكنى بالإغواء ان مخففة من الثقيلة واللام فارقة.
وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي بالهداية والعصمة لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٥٧) معك فى النار.
أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى يعنى لسنا ممن شأنه الموت الا التي كانت فى الدنيا فالمستثنى مفرغ منصوب على المصدرية من اسم الفاعل أو المعنى فما نحن نموت ابدا الا التي كانت فى الدنيا فالاستثناء منقطع والفاء للعطف على محذوف تقديره أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين والاستفهام للتقرير أى حمل المخاطب على اقرار ما كان ينكره فى الدنيا بقوله ا إنّا لمدينون وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٥٩) وذلك تمام كلامه لقرينه تقريعا له وجاز ان يكون هذا معاودة إلى كلامه مع جلسائه تحدثا بنعمة اللّه وتعجبا منها وتعريضا للقرين بالتوبيخ وقال بعضهم يقول أهل الجنة للملائكة حين تذبح الموت استبشارا وتبجحا أفما نحن بميّتين فيقول الملائكة لا فيقولون.
إِنَّ هذا الخلود فى النعيم لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٠) ويحتمل ان يكون هذا من كلام اللّه كقوله تعالى.
لِمِثْلِ هذا المنزل أو لمثل هذا النعيم لا للحظوظ الدنيوية المشوبة بالآلام سريعة الزوال فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ (٦١).
أَذلِكَ الذي ذكر لاهل الجنة خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (٦٢) التي هى نزل أهل النار وهى شجرة مرة خبيثة كريهة الطعم يكره أهل النار على تناولها يزقّمونه على أشد كراهية ومنه قولهم تزقّم الطعام إذا تناوله على كره ومشقة وانتصاب نزلا على التميز


الصفحة التالية
Icon