ج ٨، ص : ١٥٥
حال من فاعل نادوا أى استغاثوا والحال ان لا ملجاء ولا مهرب ولا اعتبر بهم كفار مكة -.
وَعَجِبُوا عطف على الظرف المستقر اعنى فى عزّة وشقاق أو حال من الضمير المستكن فيه بتقديرته تقديره بل الّذين كفروا كائنون فى عزّة وشقاق وقد عجبوا من أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ أى بشر من أنفسهم رسولا إليهم لينذرهم وَقالَ الْكافِرُونَ وضع الظاهر موضع الضمير غضبا عليهم وذمّا لهم واشعارا بان كفرهم جسرهم على ان قالوا هذا ساحِرٌ فيما يظهر من المعجزات كَذَّابٌ (٤) فيما يقول.
أَجَعَلَ محمول على حذف قالوا استئناف فى جواب ما قالوا حينئذ يعنى قالوا أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً الاستفهام للتعجب يعنى كيف جعل الالوهية التي كانت لجماعة لواحد إِنَّ هذا لَشَيْ ءٌ عُجابٌ (٥) بليغ فى العجب فانه خلاف ما أطبق عليه آباؤنا ما نشاهد ونعاهد ان الواحد لا يفئ علمه وقدرته بالأشياء الكثيرة - قال البغوي وذلك ان عمر بن الخطاب لما اسلم شق ذلك على قريش وفرح بها المؤمنون فقال الوليد بن المغيرة للملأ من قريش وهم الصناديد والاشراف وكانوا خمسة وعشرين رجلا أكبرهم سنّا الوليد بن المغيرة قال امشوا إلى أبى طالب فاتوا أبا طالب وقالوا أنت كبيرنا وشيخنا وقد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء وانا اتيناك لتقضى بيننا وبين ابن أخيك فارسل أبو طالب إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فدعاه فقال يا ابن أخي هؤلاء قومك يسئلونك فلا تمل كل الميل على قومك فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما ذا تسئلون قالوا ارفض ذكر متناوندعك وإلهك فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم أتعطوني كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم فقال أبو جهل للّه أبوك لنعطيكها وعشر أمثالها فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قولوا لا اله الا اللّه فتفرقوا من ذلك وقاموا وقالوا اجعل الالهة الها واحدا كيف يسع الخلق كلهم اله واحد انّ هذا الشيء عجاب قيل التعجيب ما له مثل والعجاب مالا مثل له.
وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ أى الاشراف من مجلس أبى طالب الذين كانوا فيه مِنْهُمْ أى من قريش وجملة انطلق عطف على قالوا ا جعل الالهة الها واحدا أَنِ امْشُوا أى قائلين ان امشوا من مجلسكم هذه وَاصْبِرُوا أى اثبتوا عَلى عبادة آلِهَتِكُمْ حيث لا ينفعكم المكالمة