ج ٨، ص : ١٩٢
مبين له فان القصة التي دخلت إذ عليها مشتملة على تقاول الملائكة وإبليس فى خلق آدم واستحقاقه - للخلافة والسجود على ما مرّ فى البقرة غير انها اختصرت اقتصارا على ما هو المقصود هاهنا وهو إنذار المشركين على استكبارهم على النبي صلى اللّه عليه وسلم بمثل ما حاق بإبليس على استكباره على آدم هذا ومن الجائز ان يكون مقاولته إياهم بواسطة ملك أو ان يفسر الملا على بما يعم اللّه والملائكة وجاز ان يكون إذ منصوبا باذكر.
فَإِذا سَوَّيْتُهُ أى أتممت خلقه وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي أضاف الروح إلى نفسه تشريفا لادم أو تشريفا للروح فَقَعُوا فخروا لَهُ ساجِدِينَ (٧٢) وقد مر الكلام فيه فى البقرة.
فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ عطف على قال ربّك كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٧٣).
إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ أى تعظم تعليل للاستثناء وَكانَ أى صار مِنَ الْكافِرِينَ (٧٤) باستكباره عن امر اللّه تعالى أو استكباره عن المطاوعة أو كان منهم فى علم اللّه تعالى.
قالَ ربك يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ كلمة بيدىّ من المتشابهات فالسلف لا يأولونه ويؤمنون به ويكلون مراده إلى اللّه تعالى والخلف يأولونه ويقولون خلقته من غير توسط كاب وأم والتثنية لما فى خلقه من مزيد القدرة وترتب الإنكار عليه للاشعار بانه المستدعى للتعظيم أو بانه الذي تشبثت به فى تركه وهو لا يصلح لكونه مانعا إذ للسيد ان يستخدم بعض عبيده لبعض سيما وله مزيد اختصاص أَسْتَكْبَرْتَ همزة الاستفهام للتوبيخ والإنكار دخلت على همزة الوصل يعنى ا تكبرت من غير استحقاق أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ (٧٥) أى من الذين استحقوا التفوق توبيخ على الشق الأول وانكار للشق الثاني.
قالَ إبليس أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ ابدا المانع واستدل عليه بقوله خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (٧٦) قد سبق الكلام عليه..
قالَ فَاخْرُجْ مِنْها أى من الجنة وقيل من السماوات وقال الحسن وأبو العالية من الخلقة التي أنت فيها قال الحسن بن الفضل هذا تأويل صحيح لأن إبليس تجبّر وافتخر بالخلقة فغيّر اللّه خلقه فاسود وقبح بعد حسنه فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٧٧) مطرود لست بخير تعليل للامر بالخروج.
وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي قرأ نافع « و أبو جعفر أبو محمد » بفتح الباء والباقون بإسكانها


الصفحة التالية
Icon